أَحدهمَا أَن سُورَة الْمَائِدَة هِيَ الْمُتَأَخِّرَة بِاتِّفَاق الْعلمَاء فَتكون ناسخة للنَّص الْمُتَقَدّم وَلَا يُقَال أَن هَذَا نسخ للْحكم مرَّتَيْنِ لِأَن فعل ذَلِك قبل التَّحْرِيم لم يكن بخطاب شَرْعِي حلل ذَلِك بل كَانَ لعدم التَّحْرِيم بِمَنْزِلَة شرب الْخمر وَأكل الْخِنْزِير وَنَحْو ذَلِك وَالتَّحْرِيم الْمُبْتَدَأ لَا يكون نسخا لاستصحاب حكم الْفِعْل وَلِهَذَا لم يكن تَحْرِيم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لكل ذِي نَاب من السبَاع وكل ذِي مخلب من الطير نَاسِخا لما دلّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {قل لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَيّ محرما على طاعم يطعمهُ} الْآيَة من أَن الله عز وَجل لم يحرم قبل نزُول الْآيَة إِلَّا هَذِه الْأَصْنَاف الثَّلَاثَة فَإِن هَذِه الْآيَة نفت تَحْرِيم مَا سوى الثَّلَاثَة إِلَى حِين نزُول الْآيَة وَلم يثبت تَحْلِيل مَا سوى ذَلِك بل كَانَ مَا سوى ذَلِك عفوا لَا تَحْلِيل فِيهِ وَلَا تَحْرِيم كَفعل الصَّبِي وَالْمَجْنُون وكما فِي الحَدِيث الْمَعْرُوف
الْحَلَال مَا حلله الله فِي كِتَابه وَالْحرَام مَا حرمه الله فِي كِتَابه وَمَا سكت عَنهُ فَهُوَ مِمَّا عَفا عَنهُ وَهَذَا مَحْفُوظ عَن سلمَان الْفَارِسِي مَوْقُوفا عَلَيْهِ أَو مَرْفُوعا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم