الرَّابِع: مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله: وَإِن أَخَاف السَّبِيل فَقَط أَي لم يقتل أحدا وَلَا أَخذ مَا يبلغ نِصَابا مِمَّا لَا شُبْهَة لَهُ فِيهِ من حرزه نفي وشرد وَلَو قِنَا لقَوْله تَعَالَى (أَو ينفوا من الأَرْض) فَلَا يتْرك يأوي إِلَى بلد حَتَّى تظهر تَوْبَته وتنفي الْجَمَاعَة مُتَفَرِّقَة كل إِلَى جِهَة لِئَلَّا يجتمعوا على الْمُحَاربَة ثَانِيًا. وَشرط لوُجُوب حد قطاع الطَّرِيق ثَلَاثَة شُرُوط: أَحدهَا ثُبُوت ذَلِك أَي قطع الطَّرِيق بِبَيِّنَة أَو إِقْرَار مرَّتَيْنِ، وَالثَّانِي حرز بِأَن يَأْخُذهُ عَن يَد مُسْتَحقَّة وَهُوَ بالقافلة فَلَو وجده مطروحا أَو أَخذ من سارقه أَو غاصبه أَو مُنْفَرد عَن قافلة لم يكن مُحَاربًا، وَالثَّالِث نِصَاب يقطع بِهِ السَّارِق وَهُوَ ثَلَاثَة دَرَاهِم فضَّة أَو ربع دِينَار ذَهَبا وَمن تَابَ مِنْهُم أَي قطاع الطَّرِيق قبل الْقُدْرَة عَلَيْهِ سقط عَنهُ حق الله تَعَالَى من صلب وَقطع وَنفي وتحتم قتل لقَوْله تَعَالَى ١٩ ((إِلَّا الَّذين تَابُوا من قبل أَن تقدروا عَلَيْهِم فاعلموا أَن الله غَفُور رَحِيم)) ، وَكَذَا خارجي وباغ مُرْتَد تَابَ قبل الْقُدْرَة عَلَيْهِ. وَأما من تَابَ مِنْهُم بعد الْقُدْرَة عَلَيْهِ فَلَا يسْقط عَنهُ شَيْء مِمَّا وَجب عَلَيْهِ لمَفْهُوم قَوْله تَعَالَى ١٩ ((من قبل أَن تقدروا عَلَيْهِم)) وَلِأَن ظَاهر حَال من تَابَ قبل الْقُدْرَة عَلَيْهِ أَن تَوْبَته إخلاص وَأما بعدهمَا فَالظَّاهِر أَنَّهَا تَوْبَة تقية من إِقَامَة الْحَد عَلَيْهِ، وَإِن فِي قبُول تَوْبَته قبل الْقُدْرَة ترغيبا لَهُ بِخِلَاف مَا بعْدهَا فَإِنَّهُ لَا حَاجَة إِلَى ترغيبه فِيهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute