فالفسق وَالْعَدَالَة كل مِنْهُمَا يطْرَأ على الآخر، فتلخيصه أَن الشَّهَادَة فِي غير عقد النِّكَاح لَا بُد فِيهَا من الْعَدَالَة ظَاهرا وَبَاطنا كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ المُصَنّف رَحمَه الله، وَأما فِي عقد النِّكَاح فتكفي فِيهِ الْعَدَالَة ظَاهر وَلَا يبطل لَو كَانَا فاسقين، وَشرط فِي مزك معرفَة جرح وَمَعْرِفَة تَعْدِيل الْخِبْرَة باطنة غير مُتَّهم بعصبية أَو غَيرهَا وَمَعْرِفَة حَاكم خبرته الْبَاطِنَة بِصُحْبَة أَو مُعَاملَة وَنَحْوهمَا وَيَكْفِي قَول مزك: أشهد أَنه عدل، وَلَا يَكْفِي قَوْله: لَا أعلم إِلَّا خيرا، وَتقدم بِبَيِّنَة جرح على بَيِّنَة تَعْدِيل، لِأَن الْجَارِح مُثبت للجرح والمعدل ناف والمثبت مقدم على النَّافِي، وَيَكْفِي فِي التَّزْكِيَة الظَّن بِخِلَاف الْجرْح، فَإِنَّهُ لَا يسمع إِلَّا مُفَسرًا بِمَا يقدم فِي الْعَدَالَة عَن رُؤْيَة فَيَقُول: أشهد أَنِّي رَأَيْته يشرب الْخمر أَو يظلم النَّاس بِأخذ أَمْوَالهم أَو ضَربهمْ أَو يُعَامل بالربا، أَو عَن سَماع بِأَن يَقُول سمعته يقذف، أَو عَن استفاضة فَلَا يَكْفِي أَن يشْهد: أَنه فَاسق أَو لَيْسَ بِعدْل، وَلَا قَوْله بَلغنِي عَنهُ كَذَا، وَمن ثَبت عَدَالَته مرّة لزم الْبَحْث عَنْهَا مَعَ طول الْمدَّة فِي قَضِيَّة أُخْرَى وَإِن لم تطل فَلَا، فَمَتَى جهل حَاكم حَال بَيِّنَة طلب التَّزْكِيَة من الْمُدعى مُطلقًا أَي سَوَاء طلب الْخصم ذَلِك أَو سكت لِأَنَّهَا حق للشَّرْع فطلبها للْحَاكِم فَلَو رَضِي الْخصم أَن يحكم عَلَيْهِ بِشَهَادَة فَاسق لم يجز الحكم بهَا، وَإِن جهل حَاكم لِسَان خصم ترْجم لَهُ من يعرف بِلِسَانِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute