للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْله أَنْت طَالِق إِلَّا أَن يدْخل زيد الدَّار فَإِن هَذِه صِيغَة الِاسْتِثْنَاء وَالصَّحِيح أَنه لَا فرق بَين الصيغتين فعلى هَذَا لَا يبعد أَن يُقَال مَشِيئَة الله مستثنية فَيَقَع الطَّلَاق لذَلِك فَهَذَا وَجهه الْمُتَكَلف وَالصَّحِيح أَنه لَا يَقع إِذْ لَو وَقع لَكَانَ الله قد شَاءَ وُقُوعه وَهُوَ إِنَّمَا علق الطَّلَاق بِعَدَمِ الْمَشِيئَة إِلَّا أَنه إِذا لم يَقع تبين أَن الله لم يَشَأْ فقد تحقق الْوَصْف الَّذِي علق عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَن يَقع ثمَّ بالوقوع يَنْتَفِي الْوَصْف فَالشَّرْط وَالْجَزَاء هَاهُنَا متضادان لَا يَجْتَمِعَانِ ومنشأ بَدو النّظر أَن التَّعْلِيق على هَذَا الْوَجْه هَل يَصح وَلَيْسَ كَمَا إِذا علق باجتماع السوَاد وَالْبَيَاض لَان التضاد بَين السوَاد وَالْبَيَاض لابين الِاجْتِمَاع وة الطَّلَاق فَلَا تضَاد بَين الْجَزَاء وَالشّرط ويستمد هَذَا من مَسْأَلَة الدّور فَإِن قَوْله لغير الْمَدْخُول بهَا إِن طَلقتك فَأَنت طَالِق قبله فِيهِ تضَاد بَين الشَّرْط وَالْجَزَاء فألغاه أَبُو زيد لذَلِك واعتبره ابْن الْحداد وَهَذِه الْمَسْأَلَة تلْتَفت إِلَيْهِ

فَإِن قيل إِذا قَالَ أَنْت طَالِق إِن شَاءَ الله مَا معنى التَّرَدُّد فِي مَشِيئَة ومشيئته قديمَة لَا يتَرَدَّد فِيهَا فَإِن أُرِيد تعلقهَا فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يُرَاد تعلقهَا بِلَفْظ الطَّلَاق أَو بحكمة فَإِن أُرِيد بِاللَّفْظِ فقد شَاءَ اللَّفْظ لِأَنَّهُ قد جرى وَإِن أُرِيد الحكم فَالْحكم قديم والإرادة لَا تتَعَلَّق بالقديم لِأَن الحكم كَلَام الله تَعَالَى

فَنَقُول مَعْنَاهُ مَشِيئَة حكم الطَّلَاق والمشيئة قديمَة وَلَكِن المُرَاد أَن يحدث لَهَا عِنْد الْحُدُوث تعلق بالإرادة الْقَدِيمَة وَإِن كَانَ لَهَا قبل الْحُدُوث نوع تعلق على وَجه آخر وَذَلِكَ التَّعَلُّق المتجدد مَشْكُوك فِيهِ وَأما قَوْله الحكم قديم فَلَا يُرَاد فَهُوَ كَذَلِك وَلَكِن مصير الْمَرْأَة مُحرمَة وصف حَادث يَسْتَدْعِي تعلقا جَدِيدا للْكَلَام الْقَدِيم بِهِ فللخطاب الْقَدِيم تعلقات متجددة كَمَا للإرادة وَالْأَحْكَام تبنى على التعليقات المتجددة لَا على الأَصْل الْقَدِيم

<<  <  ج: ص:  >  >>