النَّوْع الثَّالِث من الْجِنَايَات مَا يفوت اللطائف وَالْمَنَافِع
وَالنَّظَر فِي اثْنَتَيْ عشرَة مَنْفَعَة
الأولى الْعقل فَإِذا ضرب رَأسه فأزال عقله فَعَلَيهِ كَمَال الدِّيَة وَلَو قطع يَدَيْهِ فأزال عقله فنص الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ يُشِير إِلَى دِيَة وَاحِدَة وَهُوَ بعيد إِذْ لَيْسَ الْعقل فِي الْيَد وَلَو قطع أُذُنَيْهِ فأزال سَمعه فديتان لِأَن مَحل السّمع غير مَحل الْقطع فَهِيَ أولى وَلَا يُمكن أَن يُقَال نزل الْعقل منزلَة الرّوح فأدرج تَحت دِيَة الْيَد لِأَنَّهُ إِذا قطع يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ فَزَالَ عقله فَعَلَيهِ ديتان قولا وَاحِدًا وَلَعَلَّ وَجهه أَن الْعقل لَا يُضَاف إِلَى مَحل من الْبدن فنسبته إِلَى الْكل على وتيرة فيندرج تَحت كل عُضْو تكمل فِيهِ الدِّيَة
[فرع]
لَو أنكر الْجَانِي زَوَال عقله وَنسبه إِلَى التجانن راقبناه فِي خلواته فَإِن لم تنضبط أَحْوَاله أَوجَبْنَا الدِّيَة وَلَا نحلفه لأَنا إِذا طلبنا مِنْهُ الْيَمين أجابنا عَن مَوضِع آخر متجاننا كَانَ أَو مَجْنُونا
الثَّانِيَة السّمع وَفِيه كَمَال الدِّيَة وَفِي إِبْطَاله فِي أَحدهمَا نصف الدِّيَة وَفِيه وَجه أَن الْوَاجِب حُكُومَة لِأَن مَحل السّمع وَاحِد وَإِنَّمَا المشتبه منفذه وَهُوَ ضَعِيف إِذْ كَيْفَمَا كَانَ فضبط النِّسْبَة بالمنفذ أولى من ضَبطه بِغَيْرِهِ
فَلَو كذبه الْجَانِي غافصناه بِصَوْت مُنكر فَإِن اضْطربَ بَان كذبه وَإِن ثَبت حلفناه إِذْ رُبمَا يتماسك تكلفا فَلَو قَالَ الْجَانِي حلفوني فَإِن الأَصْل بَقَاء السّمع قُلْنَا لَو فتح هَذَا الْبَاب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute