الْفَاسِق الَّذِي لَا يكذب ويوثق بقوله لَا تقبل عندنَا خلافًا لأبي حنيفَة رَحمَه الله لِأَن من لَا يخَاف الله تَعَالَى إِنَّمَا يصدق لغَرَض وَإِذا تغير غَرَضه لم يبال بِالْكَذِبِ
خَاتِمَة بِذكر قاعدتين
إِحْدَاهمَا أَن هَذِه الْأَسْبَاب إِذا زَالَت قبلت الشَّهَادَة وَلَا يطول النّظر فِي زَوَال الصَّبِي وَالرّق وَأَمْثَاله وَإِنَّمَا يطول فِي زَوَال الْفسق والعداوة فَإِن التَّوْبَة مِمَّا يخفى وَلَا يَكْفِي قَول الْفَاسِق تبت بل لَا بُد من الإستبراء مُدَّة حَتَّى يظْهر بقرائن الْأَحْوَال صَلَاح سَرِيرَته وَقدر بَعضهم بِسنة لتنقضي الْفُصُول فَإِن العزائم تَتَغَيَّر فِيهِ وَقيل سِتَّة أشهر وَالْكل تحكم بل يخْتَلف ذَلِك بالأحوال والأشخاص وَالْمَطْلُوب غَلَبَة الظَّن
أما الْقَاذِف فتوبته فِي إكذابه نَفسه كَذَلِك قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ مُشكل لِأَنَّهُ رُبمَا كَانَ صَادِقا فالمعني بِهِ تَكْذِيبه نَفسه فِي قَوْله أَنا محق بالإظهار والمجاهرة دون الْحجَّة فَيَكْفِي أَن يَقُول تبت وَلَا أَعُود وَهل يَكْفِي مُجَرّد ذَلِك دون الإستبراء إِذا لم يظْهر مِنْهُ فسق آخر فِيهِ نُصُوص مضطربة وَالْحَاصِل أَنه إِن أقرّ على نَفسه بِالْكَذِبِ فيستبرأ لِأَن هَذَا الْكَذِب كَبِيرَة وَإِن لم يقر وَجَاء شَاهدا وَمَا تمت الشَّهَادَة فَقَوْلَانِ وَإِن جَاءَ قَاذِفا فَقَوْلَانِ مرتبان وَأولى بِأَن يستبرأ وَالصَّوَاب أَن نقُول إِن علم أَن ذكر ذَلِك حرَام فَهُوَ فَاسق فيستبرأ وَإِن ظن أَن هَذَا الْقَذْف مُبَاح فَلَا حَاجَة إِلَى الإستبراء وَيَكْفِي قَوْله تبت فَإِن أَقَامَ الْحجَّة على صدق نَفسه فَفِي بَقَاء عَدَالَته وَجْهَان
أَحدهمَا أَنه تقبل شَهَادَته إِذْ ظهر صدقه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute