للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العقد الثَّانِي مَعَ الْكفَّار المهادنة

وَالنَّظَر فِي شُرُوطه وَأَحْكَامه أما الشُّرُوط فَأَرْبَعَة

الأول أَن هَذَا العقد لَا يَتَوَلَّاهُ إِلَّا الإِمَام لِأَنَّهُ يرجع حَاصله إِلَى صلح جمع من الْكفَّار على ترك قِتَالهمْ والكف عَنْهُم من غير مَال نعم لآحاد الْوُلَاة عقد ذَلِك مَعَ أهل الْقرى والأطراف الْمُتَعَلّقَة بهم فَأَما مهادنة إقليم كالهند وَالروم فَلَيْسَ إِلَّا للْإِمَام

الشَّرْط الثَّانِي أَن يكون للْمُسلمين إِلَى ذَلِك حَاجَة فَإِن لم تكن حَاجَة وَلَا مضرَّة وطلبوا ذَلِك لم يجب على الإِمَام الْإِجَابَة على الصَّحِيح بل يتبع الْأَصْلَح وَفِيه وَجه مخرج أَنه تجب الْإِجَابَة وَفِي الْجِزْيَة وَجه مخرج من المهادنة أَنه لَا تجب الْإِجَابَة والوجهان ضعيفان وَالصَّحِيح الْفرق فَإِن عقد الذِّمَّة كف بِمَال وَهَذِه مُسَامَحَة

الشَّرْط الثَّالِث أَن يَخْلُو العقد عَن شَرط يأباه الْمُسلم كَمَا لَو شَرط أَن يتْرك فِي أَيْديهم مَال مُسلم أَو شَرط أَن يرد عَلَيْهِم أَسِيرًا مُسلما أفلت مِنْهُم أَو شَرط لَهُم على الْمُسلمين مَالا فَكل ذَلِك فَاسد مُفسد نعم لَو كَانَ على الْمُسلمين خوف جَازَ الْتِزَام مَال لدفع الشَّرّ كَمَا يجوز فدَاء الْأَسير الْمُسلم إِذا عجزنا عَن انْتِزَاعه مجَّانا

الشَّرْط الرَّابِع الْمدَّة وَهُوَ يتَقَدَّر بأَرْبعَة أشهر إِن لم يكن بِالْمُسْلِمين ضعف وَهُوَ مُدَّة السياحة قَالَ الله تَعَالَى {فسيحوا فِي الأَرْض أَرْبَعَة أشهر}

<<  <  ج: ص:  >  >>