الْقسم الثَّانِي من الْكتاب فِي بَيَان الْمُوجب من الْأَسْبَاب والمباشرات
وَالنَّظَر فِي أَرْبَعَة أَطْرَاف
الأول فِي تَمْيِيز السَّبَب عَمَّا لَيْسَ بِسَبَب وكل مَا يحصل الْهَلَاك مَعَه فإمَّا أَن يحصل بِهِ فَيكون عِلّة كالتردية فِي الْبِئْر أَو يحصل عِنْده بعلة أُخْرَى وَلَكِن لولاه لم تُؤثر الْعلَّة كحفر الْبِئْر مَعَ التردية فَهُوَ سَبَب وَإِمَّا أَن يحصل مَعَه وفَاقا وَلَا تقف الْعلَّة على وجوده فَلَا عِبْرَة بِهِ كَمَا إِذا كلم غَيره اَوْ صفعه صفعة خَفِيفَة فَمَاتَ فَهَذَا لَا يَجْعَل سَببا بل هُوَ مُوَافقَة قدر
والإحتمال يظْهر فِي ثَلَاث صور
الأولى إِذا صَاح على صَغِير وَهُوَ على طرف سطح فارتعد وَسقط وَمَات وَجب الضَّمَان لِأَنَّهُ سَبَب ظَاهر وَفِي الْقصاص قَولَانِ مرتبان على مَا لَو حفر بِئْرا فِي دَاره ودعا إِلَيْهِ غَيره وَهَذَا أولى بِالْإِيجَابِ لِأَن الْإِفْضَاء إِلَى الْهَلَاك هَا هُنَا أغلب
وَلَو تغفل بَالغا بِصَوْت مُنكر فَسقط من السَّطْح فَفِيهِ ثَلَاثَة أوجه
أَحدهَا أَنه يحمل على مُوَافقَة الْقدر لِأَن الرعدة لَهَا أَسبَاب وَالْكَبِير لَا يسْقط بالصياح غَالِبا
وَالثَّانِي يجب الضَّمَان لِأَن هَذَا مُمكن وَالسَّبَب ظَاهر فيحال عَلَيْهِ
وَالثَّالِث إِن جَاءَهُ من وَرَائه وَجب وَإِن واجهه فَلَا
وَالصَّحِيح أَنه إِن ظهر أَنه سقط بِهِ وَجب وَإِن شكّ فِيهِ احْتمل أَن يُقَال الأَصْل برءاة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute