للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِن قيل إِذا كَانَ حفر الْبِئْر سَببا عِنْد الْعدوان فبماذا يكون الْعدوان عُدْوانًا قُلْنَا نذْكر مَحل الْعدوان من الْبِئْر وَإِيقَاد النَّار وإشراع الْجنَاح وإلقاء قشر الْبِطِّيخ وقمامة السُّوق ورش المَاء حَتَّى يعرف بِهِ مَا عداهُ

أما الْبِئْر فَلَا عُهْدَة فِيهِ على من حفره فِي ملكه أَو فِي موَات فَإِن كَانَ فِي ملك الْغَيْر فَهُوَ عدوان وَإِن كَانَ فِي الشوارع نظر فَإِن أضرّ بالطارقين فَهُوَ عدوان وَإِن لم يضر فَإِن فعله لمصْلحَة الطَّرِيق وبإذن الْوَالِي وَأحكم رَأسه فَلَا ضَمَان على الْحَافِر وَإِن كَانَ بِغَيْر إِذن الْوَالِي فَقَوْلَانِ وَوجه الْإِيجَاب أَن الإستقلال للآحاد إِنَّمَا يُبَاح بِشَرْط سَلامَة الْعَاقِبَة فَإِن فعل لمصْلحَة نَفسه فَلهُ ذَلِك وَلَكِن بِشَرْط سَلامَة الْعَاقِبَة

وَكَذَلِكَ إشراع القوابيل والأجنحة جَائِز إِذا لم يضر بالمجتازين وَلكنه بِشَرْط سَلامَة الْعَاقِبَة فَهُوَ فِي عهدته دواما وَابْتِدَاء وَلَيْسَ هَذَا كَمَا لَو حفر بِئْرا فِي دَاره فنسقط جِدَار دَار جَاره فَلَا ضَمَان لِأَن تصرفه فِي نفس الْملك لَو قيد بِشَرْط السَّلامَة لأورث حرجا على النَّاس فقيد بِالْعَادَةِ وَأسْقط عهدته

وَأما الإرتفاق بالاجنحة فمستغنى عَنْهَا وَمهما حفر بِئْرا فِي أَرض جوارة وَلم يحكم أطرافها بالخشب أَو وسع رَأسهَا بِحَيْثُ خرج عَن الْعَادة فَهُوَ مطَالب بعهدته وَكَذَلِكَ لَو أوقد نَارا على السَّطْح فِي يَوْم ريح كَانَ فِي عُهْدَة الشرار وَإِن كَانَ على الْعَادة فعصفت ريح بَغْتَة فَلَا ضَمَان

<<  <  ج: ص:  >  >>