وَالثَّالِث أَن الْقطع إِن كَانَ أسلم فِي الظَّن الْغَالِب جَازَ وَإِن اعتدل الْخَوْف فَلَا وَكَذَلِكَ الْخلاف فِي الْيَد المتآكلة
أما من بِهِ ألم لَا يطيقه فَلَيْسَ لَهُ أَن يهْلك نَفسه فَإِن كَانَ الْمَوْت مَعْلُوما مثل الْوَاقِع فِي نَار لَا ينجو مِنْهَا قطعا وَهُوَ قَادر على إغراق نَفسه وَهُوَ أَهْون عَلَيْهِ اخْتلف فِيهِ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد رحمهمَا الله وَالأَصَح أَنه لَهُ أَن يغرق نَفسه
رَجعْنَا إِلَى الْوَالِي وَالْوَلِيّ وَلَيْسَ لَهما ذَلِك فِي حق الْعَاقِل الْبَالِغ إجبارا بل الْخيرَة إِلَى الْعَاقِل فَإِن فعلوا وَجب الْقصاص
أما الْمولي عَلَيْهِ بالصغر وَالْجُنُون فللأب أَن يتعاطى فيهم مَا يتعاطى الْعَاقِل فِي نَفسه لإِزَالَة الشين وَالْخَوْف
أما السُّلْطَان فَلهُ ذَلِك حَيْثُ لَا خوف وَيكون قطعه كالفصد والحجامة وَهُوَ جَائِز لَهُ وَإِن كَانَ فِي الْقطع خطر فَلَيْسَ للسُّلْطَان ذَلِك كَمَا لَيْسَ لَهُ الْإِجْبَار على النِّكَاح لِأَن مثل هَذَا الْخطر يَسْتَدْعِي نظرا دَقِيقًا وشفقة طبيعية وَلَيْسَ للسُّلْطَان ذَلِك فَإِن فعل حَيْثُ لم نجوز فَتجب الدِّيَة وَفِي الْقود قَولَانِ وَوجه الْإِسْقَاط الشُّبْهَة إِذْ هَذَا مِمَّا تَقْتَضِيه ولَايَة الْأَب وَإِن لم تكن تَقْتَضِيه ولَايَته ثمَّ الصَّحِيح أَن الدِّيَة فِي خَاص مَاله وَإِن سقط الْقود لِأَنَّهُ عمد مَحْض وَحَيْثُ جَوَّزنَا للْأَب وَالسُّلْطَان ذَلِك فسرى قَالَ القَاضِي وَجب الضَّمَان كالتعزير لِأَنَّهُ غير مضبوط وَإِنَّمَا جَوَّزنَا بِالِاجْتِهَادِ وَالصَّحِيح مَا قَالَه الْأَصْحَاب وَهُوَ سُقُوط
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute