وَأما إِذا قَالَ أَنا مَوْصُوف بِهَذِهِ الصِّفَات وَلَكِن فِي الْبَلَد من يساويني فَإِذا أظهر ذَلِك وَلَو مَيتا انْصَرف الْقَضَاء عَنهُ وَهَذَا كُله إِذا قضى القَاضِي بِالْبَيِّنَةِ وَلم يبْق لَهُ إِلَّا الإستيفاء أما إِذا سمع الْبَيِّنَة وَكتب إِلَى قَاض آخر بِسَمَاع الْبَيِّنَة فَهَذَا جَائِز بالإتفاق وساعد عَلَيْهِ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله وَفِيه إِشْكَال لِأَنَّهُ إِن كَانَ تحملا كَالشَّهَادَةِ على الشَّهَادَة فَلَا يَكْتَفِي بِوَاحِد وَإِن كَانَ قَضَاء بِقِيَام الْبَيِّنَة وسماعها حَتَّى ينزل سَمَاعه منزلَة سَماع القَاضِي الثَّانِي فَلم يجب ذكر الشُّهُود فِي الْكتاب وصفتهم وَلَا يجب ذكر شُهُود الْوَاقِعَة إِذا تمم القَاضِي وَكَأن هَذَا قَضَاء مشوب بِالنَّقْلِ والأغلب عَلَيْهِ أَنه قَضَاء بأَدَاء الشَّهَادَة حَتَّى يقوم سَمَاعه مقَام سَماع الآخر وَلَكِن وَجب ذكر الشُّهُود لِأَن الآخر إِنَّمَا يقْضِي بقَوْلهمْ والمذاهب فِي الْحجَج مُخْتَلفَة فَرُبمَا لَا يرى القَاضِي الْقَضَاء بقَوْلهمْ
ثمَّ لَا خلاف أَنه لَو سمع وَلم يعدل وفوض التَّعْدِيل إِلَى الآخر جَازَ وَإِن كَانَ الأولى أَن يعدل لِأَن أهل بلدهم أعرف بهم وَلَو عدل القَاضِي وَأشْهد على التَّعْدِيل شُهُود الْكتاب جَازَ ذَلِك ثمَّ إِن ادّعى الْخصم جرحا فلظهر شَاهِدين عَدْلَيْنِ فَيقدم بَيِّنَة الْجرْح على التَّعْدِيل الَّذِي فِي الْكتاب فَإِن استمهل أمْهل ثَلَاثَة أَيَّام فَإِن قَالَ لَا أتمكن مِنْهُ إِلَّا فِي بلد الشُّهُود لم يُمْهل لِأَن ذَلِك يطول وَيصير ذَلِك ذَرِيعَة لَكِن يسلم المَال ثمَّ إِن أثبت الْجرْح اسْتردَّ قولا وَاحِدًا وَلم يخرج على مَا لَو كَانَ الْخصم حَاضرا وَأظْهر الْجرْح بعد الحكم فَإِن فِي نقض الْقَضَاء بِهِ قَوْلَيْنِ لِأَن الْحَاضِر مقصر وَهُوَ مَعْذُور
الثَّالِث لَو كَانَ للبلد قاضيان وجوزناه فَقَالَ أَحدهمَا للْآخر سَمِعت الْبَيِّنَة فَاقْض فَلهُ ذَلِك إِن قُلْنَا الْغَالِب عَلَيْهِ الْقَضَاء وكأنهما تعاونا على حكم وَاحِد وَإِن قُلْنَا الْغَالِب النَّقْل لم يجز ذَلِك مَعَ حُضُور الشُّهُود فَإِن القَاضِي كالفرع للشُّهُود
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute