الصلاة مضافة إلى سببها وهو الخوف، وهي أعني صلاة الخوف فرع من صلاة أهل الأعذار؛ لأنها عذر يتجاوز معه شيء من الخلل في الصلاة، بل قد يكون الخلل كبيراً من أجل العذر وهو الخوف إذا كان المريض يصلي جالساً لعدم قدرته على القيام فهو معذور، والخائف يصلي كيف ما اتفق له، لكن عليه أن يوفق بين أمرين: هيئة الصلاة، والمحافظة على ما يستطيعه من أركانها وواجباتها مع الاحتياط في الحراسة، فلا بد من التوفيق بين أمرين في صلاة الخوف، الاحتياط للصلاة، والاحتياط للحراسة، فيتجاوز عما لا يستطيعه من هيئة الصلاة على ما سيأتي في صورها الثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، والخوف الذي هو سبب هذه الصلاة التي هي عذر يبيح الخلل في صورة الصلاة ضده الأمن الذي كثير من الناس لا يعرف قدره، بل لا يعرف قدره إلا من فقده {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ} [(١٥٥) سورة البقرة] فجعل الخوف أهم وأشد من الجوع، والمفسرون ضربوا لذلك مثلاً محسوساً قالوا: لو أتيت بشاة وأحضرت لها العلف، أو جئت بشاتين إحداهما: مريضة، والأخرى رُبط أمامها ذئب تجد المريضة تأكل، الكسيرة تأكل، والتي أمامها ذئب لا تأكل، فالخوف مسبب للجوع، والجوع لا يسبب خوفاً، فالخوف أشد من الجوع، كثير من البلدان التي تعيش أمناً، بل قد يوجد في طبائع بعض الناس الذين جبلوا على كراهية الاستمرار على وضع واحد، وجبلوا على الملل تجده ينشد التغير مهما ترتب عليه، فهذا في الحقيقة ما رأى كيف يعيش الناس بسبب هذا التغيير الذي ينشده وإن كان على غير الجادة، المهم أنه يغير الوضع القائم الذي ألفه منذ ولد، ونحن في هذه البلاد منذ أكثر من سبعين عاماً -ولله الحمد- نعيش أمناً ما أتيح لكثير من المسلمين في كثير من البلاد، وفي كثير من الأزمان، سبعون سنة متوالية أمن، لكن الشأن في كيفية المحافظة على هذا الأمن، وإلا الأمن حصل -ولله الحمد- لكن كيف نحافظ على هذا الأمن؟ هذه مسئولية الجميع، مسئولية ولي الأمر، ومسئولية أعوانه، ومسئولية عامة الناس، وهي مسئولية العلماء أيضاً، يوجهون الناس لما يحفظ هذا الأمن، ومن أعظم الأسباب في تثبيت الأمن وحفظه تحقيق التوحيد، ونبذ الشرك،