ويرى أبو يوسف صاحب أبي حنيفة أنها بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- لا تفعل؛ لقوله -جل وعلا-: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ} [(١٠٢) سورة النساء] ... إلى آخره، فإذا لم يكن النبي -عليه الصلاة والسلام- فيهم فلا صلاة للخوف، ولا مزية لأحد على غيره من أجله يحصل الخلل في الصلاة هذه وجهة نظر من يقول: إن الصلاة صلاة الخوف مربوطة به -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه لا يوجد إمام يقاربه، ولا إمام يدانيه، أما غيره فيوجد من الأئمة المتماثلين ما يصلي واحد منهم بجماعة وتصلي الأخرى مع غيره، ما هناك ميزة، وجمهور أهل العلم، عامة أهل العلم على أنها باقية، وصلاها جمع من الصحابة -رضوان الله عليهم- بعده -عليه الصلاة والسلام-، صلاها جمع من الصحابة مما يدل على بقاء حكمها، وإذا كان الخلل في الصلاة الناشئ عن هذا الخوف نقص في الصلاة إلا أن فيه مصالح عظيمة، فيه إرهاب للعدو، حينما يرى العدو المسلمين ملتفين حول إمام واحد يركعون بركوعه، ويسجدون بسجوده، لا شك أن مثل هذا يوقع الهيبة والرهبة في قلب العدو، إضافة إلى أهمية صلاة الجماعة، ويستدل العلماء على وجوب صلاة الجماعة بمشروعية صلاة الخوف، ولو كانت الجماعة غير واجبة لما احتيج إلى مثل هذه الصلاة التي فيها شيء من الخلل.
يقول: باب صلاة الخوف
أقل ما يمكن أن تؤدى به صلاة الخوف ثلاثة، اثنان فما فوقهما جماعة، لكن صلاة الخوف أقلها ثلاثة، إمام ومأموم وحارس، والطائفة تطلق على الجماعة، وقد يقال على الواحد: طائفة "أن طائفة صفت معه" مجموعة والواحد يقال له: طائفة.