البناية المقصود بها هنا البناية الحسية بالأدوات، باللبن والطين والخشب، أو ما يقوم مقامها من بناء مسلح بالإسمنت والحديد، هذا كله بناء، لكنه بناء حسي، وهناك بناء وعمارة معنوية، وهي أهم {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [(١٨) سورة التوبة الله] العمارة الحسية بإقامة الصلاة والعبادات التي تزاول في المسجد في عهده -عليه الصلاة والسلام-، وعهد من بعده من صحابته، وسلف هذه الأمة، فالمسجد كانت رسالته أوسع مما هي عليه الآن، يعني كان المسجد كل شيء، فبه تقام الصلاة نفلها وفرضها، وفيه تعليم العلم، وفيه تحفيظ القرآن، وفيه القضاء بين الناس، وإفتاء الناس، وفيه أيضاً بعث .. ، تنطلق منه السرايا والجيوش إلى الآفاق، وأكثر أعماله -عليه الصلاة والسلام- في المسجد، وجاء في حديث لكن فيه كلام لأهل العلم أن "المسجد بيت كل تقي" وسيأتي في أحب البقاع إلى الله، يقول ابن عبد القوي -رحمه الله-:
وخير مقام قمت فيه وحلية ... تحليتها ذكر الإله بمسجدِ
يعني لزوم المسجد تعلق القلب بالمسجد هذا له شأن، هذا يدل على إقبال، بخلاف بعض الناس، ومع الأسف أن هذا يوجد من بعض المنتسبين إلى العلم أنه كأنه في سجن، مجرد ما يسلم الإمام يسابق السرعان، هو محسوب على طلاب العلم، طالب العلم ينبغي أن يكون قدوة، يأتسي به العامة، فليكن أول من يدخل، وآخر من يخرج.
وخير مقام قمت فيه وحلية ... تحليتها ذكر الإله بمسجدِ
يعني كان مما ينشد من الأناشيد التي جاءت بعد قرون -يعني في العصر الحاضر- بعض القصائد التي منها يعني مما أحفظ منها، يقول:
إسلامنا لا يستقيم عموده ... بدعاء شيخ في زوايا المسجدِ