قالت:"والله أني لقائمة معهم" يعني ثم جاء الفرج "والله إني لقائمة معهم إذ مرت الحدياة فألقته" المتهم لا بد أن يندم، ولات ساعة مندم، ما يمديه الحين لو ندم المتهم "فألقته، قالت: فوقع بينهم، قالت: فقلت: هذا الذي اتهمتموني به زعمتم" يعني كما زعمتم، والزعم يطلق ويراد به ما يرادف القول المحقق، ويطلق ما يرادف القول المشكوك فيه "هذا الذي اتهمتموني به زعمتم، وأنا منه بريئة وهو هذا" أيُّ هذا العمل الذي حصل من إلقائه بين أيديهم من قبل الحدياة وهم ينظرون، أو لو أقسمت أيمان، أو جاءت ببينة أنها بريئة، ليس الخبر كالعيان "وهو ذا هو، قالت: فجاءت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأسلمت" تركتهم؛ لأنهم اتهموها وفتشوها، ما صار للمقام بينهم قيمة، هي في الأصل أحبتهم وألفتهم وأحبت البقاء معهم، لكن إذا حصل مثل هذا الذي يكدر، فما صار للبقاء عندهم قدر ولا قيمة "فجاءت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأسلمت" لأن الله -جل وعلا- أراد بها خيراً، انظر نتيجة هذا الاتهام ما الذي حصل بعده؟ وكم من متهم بريء حمد العاقبة بعد ذلك، وعائشة -رضي الله عنها- أم المؤمنين لما اتهمت ما الذي حصل؟ نزل في شأنها قرآن يتلى إلى يوم القيامة، وأي شرف أعظم من هذا الشرف.
"قالت عائشة: فكان لها خباء في المسجد أو حفش في المسجد" يعني بيت صغير جداً زاوية في المسجد، وهذا هو الشاهد من الحديث، جواز اتخاذ مثل هذا خباء أو حفش، أو يحتجر لها حجيرة، أو يوضع لها مثل الرواق وما أشبهه، فتجلس فيه، يجلس الغريب في المسجد الذي لا مأوى له، لا مانع من أن يجلس في المسجد، إذا أمنت الفتنة من جهة، وأمن عدم التضييق على المصلين، يعني ضمنا أن مثل هذا الحفش أو هذا البيت الصغير أو هذا الخباء لا يضيق على المصلين؛ لأن المصلين أولى بالمسجد من غيرهم.
قالت:"فكانت تأتيني فتحدث هي عندي" تأتي إلى عائشة تزور عائشة ثم تتحدث عندها، قالت: "فلا تجلس عندي مجلساً إلا قالت: