لكن إذا كان الموضع الذي يذكر في مثل هذا المجال يعني له وجه وأثر في الصلاة مثلاً إذا تباهوا بما يخل بالصلاة من زخرفة ونقوش وقدر زائد على الحاجة هذا هو المحظور الذي دل عليه الحديث، لكن لما يقال: والله مسجدنا أريح وأبرد مثلاً، ويحصل فيه من الخشوع والإقبال على الصلاة هذا ما هو بتباهي هذا، هذا ليس تباهي، إنما المراد يتباهى الناس فيما لا يخدم مصلحة الصلاة، لكن لو أن إنساناً قال: لو صليت معنا يا فلان وجربت مسجدنا واسع ونفح ومريح وفرشاته نظيفة لا على سبيل التفاخر والتعاظم، ولا على سبيل الاغترار إذا كان هو عامر المسجد، أو ما أشبه ذلك، فمثل هذا أمره سهل، لكن الإشكال حينما يقال: والله القبة عندنا قطرها مائة ذراع ومسجدكم ما يجي ولا خمسين، النقوش في مسجدنا كذا، والخطاط الذي كتب الآيات وغيرها في جدران المسجد الخطاط المتميز فلان وهكذا، وقد حصل، والدولة التركية يعني ضربت في هذا الباب شوطاً واسعاً، زخرفوا المساجد زخرفة يعني لا يمكن أن يحضر القلب أثناء الصلاة فيها؛ لماذا؟ لأنهم على مذهب أبي حنيفة، والحنفية عندهم أن الناس إذا زخرفوا بيوتهم فبيوت الله أولى؛ لأن هذا يعتبرونه من باب العناية بالمسجد، وإظهار المسجد بالمظهر اللائق، وغيرهم يقول: لا، لا تجوز زخرفة المساجد.
يحدثنا بعض الإخوان من طلاب العلم الذين ذهبوا إلى تركيا اسطنبول يقول: دخلت مسجد فوجدت شيخاً على كرسي، ومعه كتاب يشرح وحوله طلاب فجلست لأستفيد، وإذا بالشيخ لا يتكلم، يحرك شفتيه ولا يتكلم، وإذا بهذا الاجتماع ليس على درس، وإنما يصورون مشهداً تمثيلياً في هذا المسجد، ما في البلد أجمل منه -نسأل الله العافية-.
((لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد)) كلام من لا ينطق عن الهوى -عليه الصلاة والسلام-، وقد حصل، وهل هذا من باب الإقرار أو من باب الإنكار؟ لا شك أنه إنكار، وكون الشيء يقع قدراً لا يعني أنه يجوز شرعاً، يعني لا يستدل بمثل هذا على جواز زخرفة المساجد، والذي يليه يقول:((ما أمرت بتشييد المساجد)).