الله -جل وعلا- شرع لهذه الأمة في اجتماعات من أجل تأليف القلوب، فالاجتماع بالأبدان يؤدي إلى اجتماع القلوب، فهم يجتمعون في كل يوم خمس مرات، ولولا هذه الاجتماعات لمرض من مرض، وضل من ضل، واحتاج من احتاج فلا يدرى عنه، لكن في هذه الاجتماعات المشروعة لهذه الأمة في الصلوات الخمس في اليوم والليلة إذا فقد المسلم وكانوا يفقدونه إذا غاب فرضاً واحداً؛ لأن الناس أعمالهم معروفة، من محل عمله في تجارته أو زراعته أو صناعته إلى بيته، ويصلي في مسجد واحد جميع الأوقات.
الآن بعد أن تيسرت الأسباب، وسهل الانتقال من بلد إلى بلد، ومن حي إلى حي، وكثرت الأسفار يمكن أن يمر الأسبوع والإنسان ما صلى وقتين في مسجد واحد، كانوا يتفقدون الجيران فلان ما صلى أين ذهب؟ ومن الطرائف أن شخصاً فقد في فرض من الفروض فطرقوا عليه البيت بعد الصلاة مباشرة، أين ذهب فلان؟ قالت زوجته: غائب ليس بحاضر، قالوا: لا، رأيناه، ليس بغائب، هم رأوه قبل الصلاة، فألحوا عليها فخرج مرتدياً ثوب صلاة زوجته، ما عنده ثوب يلبسه، ليس عنده ثوب، هذا الكلام قبل سبعين سنة.
المقصود أنهم أغاثوه وأعانوه وتصدقوا عليه، لكن لولا هذه الصلوات الخمس التي شرعت .. ، من حِكم مشروعيتها مثل هذا الأمر، يمكن يموت جوعاً في بيته ولا يدرى عنه؛ لأن بعض الناس يصعب عليه أن يسأل الناس، يصعب عليه، قد يقول قائل: أين ثوبه الذي رأوه عليه قبل الصلاة؟ هي قصة لكنها حقيقة تذكرنا بنعم الله علينا، هذا الشخص ليس عنده ما يأكل، لا هو ولا زوجته، خرج قبل الصلاة، وبحث عن من يقرضه فما وجد، فنزل بصاحب له فأصر إلا أن يقرضه ريالاً من أجل أن يشتري به ما يأكل بعد الصلاة، ذهب إلى المسجد ليستنبط الماء من البئر فوقع الريال في البئر، خلع ثوبه ونزل بالبئر ليبحث عن الريال فما وجده، لما خرج وجد الثوب مسروقاً، فلما كبر الإمام في الصلاة عرف أن الجماعة كلهم حاضرين ما في أحد يتخلف، والشارع ما يصير فيه أحد في هذا الوقت، وقت الصلاة الشوارع ما فيها أحد، خرج مسرعاً عارياً إلى بيته دخل وأغلق الباب، ثم جاءوا يسألون عنه إلى آخر القصة.