للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على كل حال الأمر كما أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- بوادره بدأت تلوح، في هناك أمور ما كانت معروفة في بلاد المسلمين، ثم أخذت تنتشر، وصار يُجادل عنها، ويُحاج عنها، والناس لهم عقول، ولهم ما يميزون به بين الحق والباطل على حد زعمهم، فيتركون لأن العصر عصر علم، وأن عصر الجهل الذي فيه سوق الناس على رأي واحد، وعسف الناس على اختيار واحد انتهى، الناس الآن ما عاد صاروا يحتاجون إلى أن يؤطروا على قول واحد، أو على .. ، أو حتى على الحق، ومن وراء ذلك كله ما يسمى بحقوق الإنسان، والدعوة إلى الحريات، الأصل أن المسلم مكلف مأمور منهي بأوامر الله ونواهيه، لا بد أن يلتزم ويستقيم على دين الله، إذا أمر لا بد أن يأتمر، وإذا نهي لا بد أن ينتهي، إذا كان القصد بالحرية التي تخلص الناس من تكليف المخلوق، واستعباد المخلوق نعم هذه جاء بها الشرع، أما الحرية التي تخلص الناس من الدين وتكاليف الدين هذه مرفوضة؛ لأن الأصل أن الإنس والجن ما خلقوا إلا لعبادة الله -جل وعلا-، فعليهم أن يأتمروا بالأوامر، وينتهوا عن النواهي، و ((يمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة)) وذكر ابن القيم -رحمه الله- بعض القصص التي تحصل من هذا، وأن هذا يكون بعد مسخ القلوب -نسأل الله السلامة والعافية-، يعني الإنسان يفتن في كل سنة مراراً وهو لا يشعر، ما يشعر ولا يتوب ولا يرجع، ويزعم أنه على حق، ويزدري الآخرين، وأن الحق كله معه، وأن من عداه على صواب، وفي هذا إعجاب كل ذي رأي برأيه، ذكر ابن القيم أن الرجلين يمشيان إلى المعصية فيمسخ أحدهما خنزيراً، ويمضي الثاني إلى معصيته -نسأل الله السلامة والعافية-.

((ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة)).

قال: "رواه البخاري تعليقاً مجزوماً به" يعني المؤلف -رحمه الله- حكم بأن الخبر معلق، لكنه بصيغة الجزم فهو صحيح، فقال: قال هشام بن عمار: حدثنا صدقة بن خالد عن عبد الرحمن بن يزيد عن عطية بن قيس عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري قال: "حدثني أبو عامر أو أبو مالك".