((فإذا رأيتموهما)) يعني رأيتم هذا التغير في هاتين الآيتين ((فادعوا الله وصلوا)) أمر ((حتى ينكشف ما بكم)) ((فإذا رأيتموهما)) يعني بمجرد الرؤية افزعوا إلى الدعاء والصلاة والتضرع، فالصلاة مربوطة بالرؤية، فلو قرر جميع الفلكين أن الشمس تنكسف في الساعة الفلانية من اليوم الفلاني أو القمر فإننا لا نصلي حتى نرى؛ لأنه يقول:((فإذا رأيتموهما فادعوا الله وصلوا)) وهذا يدل على أن الصلاة صلاة الكسوف تفعل عند قيام السبب وهو الرؤية في أي وقت، سواء كان وقت نهي أو غير وقت نهي، على الخلاف المعروف بين أهل العلم في الجهتين، في فعل ذوات الأسباب في أوقات النهي، والخلاف تقدم ذكره ولا حاجة إلى إعادته، مع ملاحظة الخلاف في حكم صلاة الكسوف، هل هي سنة أو واجبة؟ نقل النووي الإجماع على أنها سنة، وأبو عوانة في صحيحه يقول: باب وجوب صلاة الكسوف، فالذي يقول بوجوبها يقول: تفعل؛ لأن النهي عن الصلاة في الأوقات المعروفة لا يتناول الواجبة، هذا ما عنده إشكال، لكن الإشكال عند من يقول: إنها سنة، فالذي يقول بفعل ذوات الأسباب في أوقات النهي يقول: تفعل لأنها ذوات سبب، والذي يقول: لا تفعل يقول: لا تصلى في وقت النهي، وهذا هو المعروف عند الحنابلة والحنفية والمالكية، في وقت النهي ما تصلى؛ لأنها نفل والنهي مقدم على ما جاء في ذوات الأسباب على ما تقدم بسطه.
((فإذا رأيتموهما فادعوا الله)) عليكم بالدعاء والتضرع حتى يكشف ما بكم، يعني ما يتصور الإنسان مقدار الانتفاع بهاتين الآيتين؛ لأن النعم الموجودة لا يقدرها الإنسان قدرها حتى يفقدها، ما يدرى وش الأثر المترتب على ذهاب الضوء من هذين النيرين؟ وفائدة ضوء هذين النيرين للأرض ولمن يسكن الأرض، ما ندري، لكن لو حصل هذا الكسوف واستمر وقتاً طويلاً عرفنا مقدار هذه النعمة، الإنسان الصحيح المعافى لا يقدر قيمة هذه الصحة، ولا يستشعر خطورة المرض ولا شدة الألم؛ إنما يستشعرها من وقع فيها، وكذلك الأمن لا يقدره قدره إلا من عاش في بيئة مخوفة، ونحن لا نشعر بفائدة ضوء الشمس وحرارة الشمس وأشعة الشمس ولا ضوء القمر إلا إذا فقدت لا سمح الله.