"ثم دخل رجل من ذلك الباب" الذي هو نحو دار القضاء "في الجمعة المقبلة ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائم يخطب، فاستقبله قائماً فقال: يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل" هلكت في الأول وهلكت في الثاني، انقطعت في الأول وانقطعت في الثاني، لكن السبب الأول غير السبب الثاني، السبب الأول الجدب والقحط، والثاني زيادة المطر، والمطر والغيث كما هو غيث إلا أنه ليس بخير محض، هو خير على كل حال {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [(٣٠) سورة الأنبياء] لكن مع ذلك إذا زاد صار فيضان وغرق، وقوم نوح أهلكوا بالطوفان، فلما كثر هلكت الأموال غرقاً، وانقطعت السبل، أنتم تعرفون إذا كثرت السيول توقفت السيارات فكيف بالمواشي؟
"هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادعُ الله -عز وجل- يمسكها عنا، قال: فرفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يديه فقال:((اللهم حوالينا ولا علينا)) " يعني حوالينا لا تبعد عنا لأننا نريد الخير والفضل، نريد كثرة المخزون من الماء في جوف الأرض، ونريد ما ينتج وينبت بسبب هذا الغيث من عشب وربيع.
((اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام)) على الهضاب ((والظراب)) يعني على الجبال ((وبطون الأودية)) التي تخلو من السكان ((ومنابت الشجر)) يعني الأراضي التي تنبت الشجر لا القيعان التي لا تنبت ولا ويستفاد منها.
"قال: فأقلعت" وقفت فوراً "قال: وخرجنا نمشي في الشمس" وبقدر الإرث من النبي -عليه الصلاة والسلام- في العلم والعمل يحصل لنا مثل ما حصل لهم، بقدره، وبقدر البعد عن منهجه -عليه الصلاة والسلام- علماً وعملاً وإخلاصاً وإتباعاً يحصل لنا ما يحصل من الحرمان "قال شريك: فسألت أنساً أهو الرجل الأول؟ قال: لا أدري" متفق عليه".
"وعن عبد الله بن زيد المازني قال: "خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المصلى فاستسقى" خرج ما يدل على أن صلاة الاستسقاء كصلاة العيد تكون خارج البلد، ولا تكون في المساجد إلا لحاجة من برد شديد أو مطر، بخلاف المسجد الحرام فإنه لا يخرج عنه، وما عداه حتى المسجد النبوي تكون صلاة العيد وتكون صلاة الاستسقاء خارج المدينة، فضلاً عن غيرها من البلدان.