"وذكر ابن حبان أن بهزاً كان يخطئ كثيراً، ولولا رواية هذا الحديث لأدخلته في الثقات" لأنه يرى أن في هذا الحديث مخالفة لما تقرر في عمومات الشريعة وقواعدها أن مال المسلم محترم ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا)) فالأموال محترمة، وإذا صح مثل هذا الخبر فإن هذا ليس بمبرر أن يسترسل في العقوبات بالأموال، فالأصل أن مال المسلم محترم، يعني إذا قرر عقوبة ولو بمبلغ يسير فإن هذا التقرير لا يكون إلا عن تثبت وعن دراسة واعية، لا يكون لأدنى سبب، ولا يكون إلا لمبرر قوي، يجعل الأخذ من مال المسلم من غير طيبة نفس منه، يعني له مبرر، وله وجه بحيث تطمئن النفس إلى أخذه، أما أن يتساهل في الأموال، وكل شيء يؤخذ عليه مال هذا أمر لا شك أنه مخالف للعمومات، يعني فرق بين من يغرق أسواق المسلمين وشوارع المسلمين وأزقة المسلمين بالمياه وبين من يتسرب من بيته شيء يسير، ينبغي أن يلاحظ مثل هذا الأمر، فليس لأدنى شيء تؤخذ الأموال، خرج ماء يسير، ثم إذا جاء إلى الباب ملصق عليه عقوبة، هذا كلام ليس بصحيح، من الذي يستطيع أن يحتاط لكل شيء، لكن شخص أهدر الأموال، وأهدر الماء المتعوب عليه، وآذى الناس في طرقاتهم مثل هذا قد ترتاح النفس إلى تعزيره بالمال، فالأمور تقدر بقدرها، فالأصل المنع، فإذا وجد مبرر قوي يجعل النفس تقرر العقوبة وهي مرتاحة هذا شيء آخر، والحديث أصل في الباب ((فإنا آخذوها وشطر ماله)) فعلى من ولي هذا الأمر أن يحتاط لهذا الأمر.
"ولولا رواية هذا الحديث لأدخلته في الثقات، قال: وهو ممن أستخير الله فيه" هو متردد في بهز بن حكيم هل هو من الثقات أو من الضعفاء؟ هو كلامه في المجروحين "وهو ممن أستخير الله فيه" وعلى قاعدته وجادته في التساهل أن يجعله في الثقات؛ لأنه وثق من هو دونه.
قال المؤلف:"وفي قوله نظر، بل هذا الحديث صحيح، وبهز ثقة عند أحمد وإسحاق وابن معين وابن المديني وأبي داود والترمذي والنسائي وغيرهم، والله أعلم" وإن لم يصل إلى درجة الثقات؛ لأن فيه كلام لأهل العلم، نعم عنده أخطاء كثيرة، وخالف الثقات، ومع ذلك لا يصل إلى درجة الضعف.