نقول لهذا الشخص الذي كسب الأموال الطائلة، وتيسرت له أسباب الكسب، ووجوه الربح، الواجب عليك أن تخرج من ربع العشر في تجارتك، إذا لم تكن مما حد فيه، إذا لم تكن التجارة من الإبل، أو من بهيمة الأنعام، أو من الخارج من الأرض، أو من العسل، أو الركاز أو المعادن على ما يختلف فيه أهل العلم، ما عدا ذلك من الأموال، وعروض التجارة كلها زكاتها ربع العشر، نقول مثل هذا؛ لأنه قد يقال: إذا كان المنظور إليه فيه تفاوت القدر الواجب في زكاة الخارج من الأرض الكلفة والمشقة تخفف الزكاة، قد يقول قائل: أنا أشتغل بناء في الشمس في الظهيرة، وأي كلفة ومشقة أشد من هذا، لماذا تكون زكاتي مثل زكاة الذين يجلسون في الأماكن الباردة الفخمة، ويخدمون ويربحون الأموال الطائلة، ما دام هذه قاعدة الشرع في الخارج من الأرض لماذا لا يكون هذا مثله في التجارات؟ نقول: هذا يقتصر على مورد النص؛ لأن غيره لا يمكن ضبطه.
((فيما سقت السماء والعيون)) التي تجري على وجه الأرض تنبع من الأرض وتجري من غير تعب من الآدمي ((أو كان عثرياً)) يشرب الماء بعروقه ((العشر)) العثري: الذي يشرب الماء بعروقه، الآن من التقنيات التي وجدت عند بعض أرباب المزارع الكبيرة يجعلون الماء تحت الطبقة من الأرض، تحت طبقة من الأرض، فيشرب الماء بعروقه، ويستفيدون وفرة في الماء؛ لأن الماء إذا تعرض للشمس قد يتبخر منه شيء ترون أن الأرض تيبس إذا ضربتها الشمس، لكن إذا مدد له مواصير تحت الأرض ونقط تنقيط تحت الطبقة الأولى يترك له مقدار شبر يحميه من الشمس، هل نقول: إن هذا عثري باعتبار أنه وصل إلى الماء بعروقه أم نقول: إن هذا بفعل الآدمي؟ بفعل الآدمي.
((أو كان عثرياً العشر)) عشرة بالمائة ((وفيما سقي بالنضح نصف العشر)) بالنضح، بالنواضح بالسانية بالمكائن، بالرشاشات، بغيرها مما يتعب عليه، ويتكلف فيه الآدمي، هذا نصف العشر، وعرفنا أن الزكاة تخفف عن مثل هذا؛ لأنه تعب، تعب عليها، وخسر بسببها الأموال، أما الأول فلم يتعب، فزيد عليه في مقدار الزكاة.