"رواه البيهقي وشيخه الحاكم، من حديث نُعيم بن حماد عن الدراوردي عنه، قال الحاكم: احتج البخاري بنعيم بن حماد" لكن لم يحتج به على سبيل الاستقلال، وعلى سبيل الاحتجاج، إنما خرج له في الشواهد، "ومسلم بالدراوردي" نعم خرج الإمام مسلم للدراوردي، وقال:"هذا حديث صحيح ولم يخرجاه" يعني البخاري ومسلم "كذا قال" وإذا قيل من قبل أهل العلم: كذا قال، فهذا دلالة على عدم الاقتناع بما قال، "والمشهور ما رواه مالك عن ربيعة عن غير واحد من علمائهم" ما رواه مالك في الموطأ عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، الذي من طريقه يروى هذا الخبر "عن غير واحد من علمائهم" ربيعة ما أدرك إلا أنس بن مالك، فهل يكون غير واحد من علمائهم من الصحابة أو من التابعين؟ من التابعين، قد يقول قائل: إن غير واحد ومن العلماء لا تضر جهالتهم؛ لأنهم جمع من أهل العلم، يجبر بعضهم بعضاً، ولو لم تعرف أسماؤهم، وهذه طريقة لبعض أهل العلم، التوثيق بالكثرة مع الجهالة، يعني أفرادهم مجاهيل لا تعرف أعيانهم، لكن بمجموعهم ووصفهم بأنهم من أهل العلم يكفي هذا، كما روى ابن عدي عن عدة من شيوخه قصة البخاري في قلب الأحاديث، يقول أهل العلم: ابن عدي ثقة، ويروي عن عدة من شيوخه، لم يسمهم، لكن بمجموعهم تنجبر هذه الجهالة، جهالة الأفراد تنجبر بالمجموع بالعدة، فبعضهم يجبر بعضاً.
وهنا يقول:"عن غير واحد من علمائهم" ويبقى أنهم مجموعة من التابعين، من علماء التابعين، فيكون الخبر حينئذٍ مرسلاً "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقطع لبلال بن الحارث المزني معادن القبلية، وهي ناحية الفرع، فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلا الزكاة إلى اليوم" يعني لا يؤخذ منها أجرة على الأرض، أو مزارعة، أو مخابرة، أو مساقاة، إنما يؤخذ منها الزكاة، فكأنهم ملكوا هذه الأرض، وصارت ملكاً لهم، لكن يبقى أن الخبر مرسل، والمرسل من قبيل الضعيف عند الجمهور.