الوصال من خصائصه -عليه الصلاة والسلام-، والعلة تدل على ذلك.
"نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الوصال، فقال رجل من المسلمين: فإنك يا رسول الله تواصل؟ " يعني بعض الناس إذا قيل له شيء قال: وأنت، يعني بعض الناس عنده شيء من الجرأة على مثل هذا الكلام، ولا يظن بهذا الصحابي إلا أنه يريد أن يستوثق من الحكم، ويتأكد، وعنده شبهة في وصال النبي -عليه الصلاة والسلام- "فقال رجل من المسلمين: فإنك يا رسول الله تواصل؟ " ليس من باب المعاندة أو من باب المواجهة بما لا يريده النبي -عليه الصلاة والسلام-.
"فإنك يا رسول الله تواصل؟ " يريد أن يكشف هذه الشبهة "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((وأيكم مثلي؟ إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني)) " هذا الطعام وهذا الشراب الذي يطعمه الله -جل وعلا- نبيه -عليه الصلاة والسلام- قال بعضهم: إنه طعام وشراب حقيقي يستفيد منه البدن كما يستفيد من الطعام والشراب، لكن لو كان هذا الطعام والشراب حقيقياً هل يثبت حكم الوصال حينئذٍ؟ يعني إذا كان الجواب أنا لا أواصل؛ لأني آكل وأشرب، لكنه يواصل بالفعل، أقرهم على الوصال، ولا يأكل -عليه الصلاة والسلام-، قال بعضهم: إن هذا من طعام الجنة وشراب الجنة، طعام الجنة وشراب الجنة لا يفطر الصائم قالوا، ((أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني)) ولا شك أنه مشكل؛ لأنه إن كان طعاماً وشراباً حقيقياً فإنه لا يثبت معه حكم الوصال، وإن لم يكن طعاماً وشراباً حقيقياً فإنه لا يوجد في الحقائق الشرعية ولا العرفية ولا اللغوية طعام معنوي، هل يصح أن تقول: شربت وأكلت وأنت ما أكلت ولا شربت على سبيل الحقيقة لا اللغوية ولا الشرعية ولا العرفية؟ هل تستطيع أن تقول: طعمت وشربت وأنت ما أكلت ولا شربت طعاماً حقيقياً؟ إلا على ضرب من المجاز، أو قل إن شئت وهو أولى: المشاكلة، سماه طعاماً وشراباً من باب المشاكلة؛ لأنه ينتفع به، بهذا الغذاء المعنوي، كما ينتفع بالطعام والشراب، يعني كما قال القائل:
قالوا: اقترح شيئاً نجد لك طبخه ... قلت: اطبخوا لي جبة وقيمصاً