الحديث فيه طي واختصار طويل، تذاكروا وانصرفوا على غير اتفاق، يعني اقتراحات ما قبلت، وانصرفوا على غير اتفاق، ورأى عبد الله بن زيد الرؤيا، ووافقه على ذلك عمر -رضي الله تعالى عنه-، فألقى الأذان على بلال، فأمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة" يأتي بالأذان شفعاً بتربيع التكبير على ما تقدم، والعدد أربعة شفع، وتثنية الشهادة، ثم تثنية الشهادة الثانية، ثم الحيعلتين شفع، ثم بعد ذلك لا إله إلا الله وتر، فالغالب شفع، وقطع الأذان على وتر لا شك أنه له أصول شرعية، ولا يخل بقوله: "يشفع الأذان" أن يكون جملة من جمله وتر؛ لأن الحكم للغالب، فغالب الأذان شفع، ويوتر الإقامة، بمعنى أن جمل الإقامة وتر على أن التكبير في أول الإقامة وفي آخرها شفع، لكن إذا قلنا بقرن التكبير صار حكم الجملتين جملة واحدة، ولذا لم يستثن من جمل الإقامة إلا الإقامة، كما في رواية البخاري وزاد: إلا الإقامة، يعني لفظ الإقامة، قال: "ويوتر الإقامة إلا الإقامة" فهل هذا الاستثناء استثناء الشيء من نفسه؟ جاء زيد إلا زيد، يوتر الإقامة إلا الإقامة، يوتر الإقامة المقصود بذلك جمل الإقامة، إلا الإقامة يعني لفظ الإقامة؛ ولأنه هو المقصود بلفظه، منها جاء شفعه للتأكيد، فأمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة، وإذا قال الصحابي: أمر فلان أو أمرنا أو نهينا لا شك أن حكمه الرفع؛ لأن الآمر والناهي هو من له الأمر والنهي، وهو من له الأمر والنهي، وهو النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولو قال ذلك الصحابي بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- بأعصر، يعني في عهد معاوية مثلاً، وقد مر عليه الخلفاء الراشدون كلهم، فقوله: أمرنا في مسألة شرعية حكمها الرفع؛ لأن الأمر إنما يتجه وينصرف إلى من له الأمر والنهي، وهو النبي -عليه الصلاة والسلام-، لا سيما إذا كانت المسألة شرعية، وإذا قال الصحابي: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فالرفع مقطوع به، ولا خلاف فيه، لكن دلالته على الأمر كدلالة افعلوا، قول جماهير العلماء، وهم حجة ملزمة، كما لو قال: اشفع الإقامة أو أشفع الأذان وأوتر الإقامة، دلالة هذه كدلالة هذه؛ لأن الصحابة أعرف الناس بمدلولات خطاب الشرع، وقال من قال: إن هذا