" ((من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه)) متفق عليه، وهذا لفظ مسلم، وللبخاري:((فأكل وشرب)) وللدارقطني والحاكم وصححه: ((من أفطر في رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة)) " فلا قضاء عليه ولا كفارة، وهذا مذهب الجمهور أنه لا يقضي ولا يكفر، وعند المالكية أن من أكل أو شرب ناسياً فعليه القضاء دون الكفارة، ومن أكل أو شرب متعمداً فعليه القضاء والكفارة، والحديث حجة عليهم، والمرجح ما قاله الجمهور استدلالاً بهذا الحديث:((فلا قضاء عليه ولا كفارة)) يعني من أكل متعمداً ((من أفطر يوماً من رمضان لم يقضه صيام الدهر وإن صامه)) قال بعض أهل العلم: لا يقضي، إذا أفطر متعمداً فإنه لا يقضي، وهو ما يفهم من الحديث:((لم يقضه صيام الدهر وإن صامه)) وجماهير أهل العلم وعامتهم على أنه يقضي، وإن أفطر متعمداً، وأما ((لم يقضه صيام الدهر)) يعني لم يكفر الإثم الذي ارتكبه ما لم يتب، يعني لو يصوم الدهر وقد أفطر متعمداً يوماً من رمضان فإن إثمه باقٍ، ولا يقابله صوم الدهر، ولا يجبه إلا التوبة، يعني نظير ذلك ما قيل فيمن ترك الصلاة عمداً حتى خرج وقتها، يقضي وإلا ما يقضي؟ هذه من غرائب المسائل التي نقل الإجماع على طرفيها، ابن حزم نقل الاتفاق على أنها لا تقضى، وغيره نقل الإجماع على أنها تقضى، على كل حال الأئمة الأربعة وأتباعهم كلهم يقولون: يجب عليه القضاء مع التوبة، يعني ولو أخرها متعمداً، ولو أفطر يوماً من رمضان متعمداً، يجب عليه أن يتوب ويقضي ما أخل به.
"وعنه -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:((من ذرعه القيء)) " يعني سبقه، بادره، فلم يستطع رده، ((من ذرعه القيء فلا قضاء عليه)) لأنه مغلوب، ليس أمره بيده، كما لو احتلم وهو نائم هذا الأمر ليس بيده، فلا يفطر به، ولا قضاء عليه ((ومن استقاء فعليه القضاء)) ومن استقاء يعني طلب القيء، السين والتاء للطلب، طلب القيء، وتعمد القيء فعليه القضاء، عليه أن يقضي، إذا طلب القضاء وتعمده.