لا، لا، لا تنزل درجة البخاري عن أحمد ولا عن غيره حتى في غير الصحيحين، حتى فيما نقل عنه، لكن قد يقول قائل: إنه ليس من شرط الصحة أن يبلغ شرط البخاري، فقد لا يصل الحديث إلى شرطه وهو صحيح عند غيره، فلا يراه البخاري صحيحاً؛ لأنه لا يصل إلى شرطه، وهو عند غيره صحيح، وهل نحن ملزمون ألا نعمل إلا بما اشترطه البخاري؟ لسنا بملزمين بذلك، يعني إذا صححه إمام معتبر كما لو كان الحديث مخرج في المسند أو في السنن، وبلغ درجة الصحيح، وترجم الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- بما يرد هذا الحديث، نقول: نعم، البخاري لا يثبت هذا الحديث على شرطه، لا يصح على شرطه، لكنه يصح عند غيره، البخاري يقول: لا أراه محفوظاً، يعني على طريقته ونقده، لكن هو صحيح عند غيره، يعني إذا كان البخاري يشترط الدرجة العليا، يعني إذا كان الحديث صحيح على شرط مسلم، ومن يقول بقوله وهم الجمهور بالاكتفاء بالمعاصرة، وصُحح على هذا الأساس، ولم يبلغ شرط البخاري، وليس بصحيح على شرطه، هل نقول: إن الحديث ليس بصحيح؛ لأن إمام الصنعة رده؟ لا.
بقي أن نشير وقد أشرنا مراراً أن البخاري ينسب إليه أقوال وتصحيح أحاديث منها ما هو في صحيحه، ومنها ما هو خارج صحيحه، فما في الصحيح لا يرجح عليه أحد كائناً من كان، يعني حديث ابن عمر في رفع اليدين بعد الركعتين خرجه البخاري، وصححه مرفوعاً، والإمام أحمد لا يراه مرفوعاً، ويصحح الوقف على ابن عمر، هل نوازن بين قول البخاري وقول الإمام أحمد؟ ما في أدنى موازنة بين القولين؛ لأن التصحيح في الصحيح الذي تلقته الأمة بالقبول، وله شأن عند الأمة، فلا يعدل به غيره، لكن لو كان تصحيح حديث ابن عمر من البخاري خارج الصحيح فيما نقله عنه الترمذي أو غيره نظرنا في قول البخاري مع أقوال الأئمة، ووازنا بين القولين؛ لأنه إمام كغيره من الأئمة، أما إذا حكم على صحة حديث وخرجه في صحيحه، هذا ليس لأحد كلام، ولا يعدل بقوله قول أحداً كائناً من كان؛ لأن الأمة مجمعة على ترجيح ما في البخاري على غيره، أما ما ينسب إلى البخاري ولو صح في غير الصحيح فيما ينقل عنه من أقوال في الأحاديث تصحيحاً وتضعيفاً فهذا قوله فيه كغيره من سائر الأئمة.