"وفي لفظ: فقيل له: إن الناس قد شق عليهم الصيام، وإنما ينظرون فيما فعلت، فدعا بقدح من ماء بعد العصر" رواه مسلم" لأن بعض الناس يتحمل هذه المشقة، وتزيد عليه المشقة حتى أن بعضهم يتضرر يحتاج إلى الأكل لوجود مرض يستدعي ذلك، ومع ذلك يتحمل هذه المشقة، وقد لا يكون الداعي إلى ذلك كله الرغبة في الخير، قد يكون صيامه مع الناس أخف عليه، ويستثقل القضاء، بعض الناس يستثقل القضاء، ويتحمل ما صام، يقول: أنا صمت الآن، انتصف النهار ما بقي إلا ساعات، أتحمل ولو تضررت، نقول: أولئك العصاة، هذا في السفر، أما في الحضر فلا مندوحة من الصيام، إلا إذا وصل الضرر بحيث يترتب عنه مرض أو زيادة في مرض، أو تأخر برء فإنه حينئذٍ يفطر {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [(١٨٤) سورة البقرة].
"وفي لفظ: فقيل له: إن الناس قد شق عليهم الصيام، وإنما ينظرون فيما فعلت، فدعا بقدح من ماء بعد العصر" يعني فشرب منه، رفعه حتى رآه الناس فشرب منه -عليه الصلاة والسلام- "رواه مسلم".
"وروى أيضاً عن حمزة بن عمرو الأسلمي أنه قال: "يا رسول الله أجد بي قوة على الصيام في السفر، فهل علي جناح؟ " يعني أنا أصوم وقد رأيتك تشرب الماء بعد الصيام "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((هي رخصة من الله تعالى، فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه)) ".
((هي رخصة من الله تعالى فمن أخذ بها فحسن)) لأن الله -جل وعلا- يحب أن تؤتى رخصه، والرخصة في الاصطلاح ما جاء على خلاف الدليل الشرعي لمعارض راجح، أو هي: استباحة المحظور مع قيام الحاظر؛ لمعارض راجح، والعزيمة ما جاء على وفق الدليل الشرعي مع عدم المعارض الراجح.
"فهل علي جناح؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((هي رخصة من الله تعالى فمن أخذ بها فحسن)) " صدقة تصدق الله بها، وجاء في القصر فاقبلوا صدقته.
((ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه)) هذا يدل على أن الصيام والفطر كلاهما جائز، لكن قد يترجح الفطر، وقد يترجح الصيام على ما سبق.
"وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "رخص للشيخ الكبير أن يفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً، ولا قضاء عليه".