في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة ما فرقه البخاري -رحمه الله تعالى- ((من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) وهنا: ((من قام رمضان إيمانًا واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) الجملة الثالثة: ((من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) والذي عندنا ما يناسب قيام شهر رمضان قوله: ((من قام رمضان إيمانًا واحتساباً)) يعني قاصداً بذلك وجه الله، مخلصاً في ذلك لله -جل وعلا-، لا يبعثه ولا ينهزه على ذلك إلا الإيمان الواقر في قلبه، واحتساب الأجر من الله -جل وعلا-، لا لأمر من الأمور ليترتب على ذلك جواب الشرط ((غفر له ما تقدم من ذنبه)) وأي حرمان بالنسبة لمن يسمع مثل هذه الأحاديث الصحيحة، ولا يقوم رمضان، وقد يقوم رمضان ويتعب نفسه ولا يحقق القيد الوارد في الحديث الذي يرتب عليه الأجر إيماناً واحتساباً، فتجد بعض الناس يصلي مجاملة، أو يصلي مراءاة لغيره، فلا بد من أن يكون قيامه رمضان إيماناً واحتساباً، والمراد بالقيام القيام في لياليه، الصيام في النهار، والقيام للصلاة والذكر والتلاوة في الليل ((غفر له ما تقد من ذنبه)) على الإنسان أن يحرص، المسألة لا تكلف شيئاً، الآن بما يتحقق القيام؟ ((من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة)) وبعض الأئمة قيامه لا يزيد على نصف ساعة، لكن الحرمان لا نهاية له، تجده يبحث عن إنسان أخف من صلاة هذا الإمام الذي لا يزيد عن نصف ساعة، وعنده استعداد أن يمشي، وأن يركب السيارة مدة ساعة ذهاباً وساعة إياباً لإمام أخف من الإمام الذي بجوار مسجده الذي لا تزيد صلاته على نصف ساعة، قالوا: فلان ينتهي بعشرين دقيقة من القيام، يركب السيارة، مهما كلفه ذلك، ويرجع مثل ذلك، ويستغرق في ذهابه وإيابه وقتاً طويلاً؛ ليحصل وليوفر عشر دقائق، وما ذلك إلا لثقل العبادة على كثير من الناس.