"عن أبي قتادة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن الصيام يوم عرفة؟ " يعني في يوم عرفة "فقال: ((يكفر السنة الماضية والباقية)) "((يكفر السنة الماضية)) هذا لا إشكال فيه ذنوب وقعت وحصلت من المسلم تكفر بالصيام، وهذا كما تقدم المراد بالذنوب المكفرة هي الصغائر، وأما الكبائر فإنها لا تكفرها إلا التوبة عند الجمهور، وإن كان الصغائر قليلة مع أنها ... ، أو لا توجد، وهذا لا يتصور، فإنه يخفف من الكبائر بقدر ما فعله من نوافل.
((يكفر السنة الماضية والباقية)) يعني اللاحقة، يكفر سنتين، فإما أن يوفق لعدم الوقوع في الذنوب، أو إذا وقع منه شيء من ذلك كفر عنه، كما حصل في السنة الماضية، وإذا صام يوم عرفة اللاحق فإنه وقد كفرت ذنوبه في السنة الماضية بسبب صيامه الماضي، لا شك أنه يخفف عنه من الذنوب الأخرى، أو ترفع درجاته، يعني الله -جل وعلا- لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
قد يقول قائل: أنا أصوم عرفة في كل سنة، فما معنى يكفر سنة ماضية وسنة لاحقة؟ أنا لا أحتاج إلا لسنة واحدة؛ لأن السنة الثانية مكفرة بعرفة، نقول: لا، الله -جل وعلا- لا يضيع عملك، إذا أحسنت العمل فالله -جل وعلا- يدخر لك ذلك، فإن صادف ما ينبغي تكفيره كفر، وإلا رفعت بذلك الدرجات.