للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

((فمن اتقى الشبهات)) جعل بينه وبين هذه الشبهات وقاية، الآن لو أن شخصاً سكن سواء كان في بيت، أو في محل تجاري بجوار مطعم أو بجوار مخبز، في وقاية بينه وبين المخبز جدار، لكن إذا وضعت يدك على الجدار تحس بالحرارة وإلا ما تحس؟ تحس بالحرارة، تحتاج إلى عوازل، لا بد من عوازل تقيك هذه الحرارة، وقد يحتاط فيضع عوازل وعوازل أخرى، هذا لأمر دنياه يحتاط؛ ليش؟ لأنه ما يريد الحرارة، ويحتاط أيضاً لئلا يحمل الكهرباء أكثر مما تتحمله؛ لأنه بدل ما يحتاج إلى مكيف يضع اثنين إذا صار بجواره مخبز، لكن إذا وضع العوازل ووضع .. اتقى هذا الحر بما يستطيعه من وقاية ابتعد عن الحرارة، وهنا نقول: اتقى الشبهات، كيف يتقي الشبهات؟ يتقيها بترك ما يقرب منها من مباحات، فيقع في المحرم وهو لا يشعر، تستدرجه هذه المقدمات إلى النتائج المحرمة، فهذا معنى: ((استبرأ لدينه)) طلب البراءة لدينه فلم يرتكب محرم بسبب تجاوزه هذه الشبهة، واستبرأ أيضاً لعرضه لئلا يقع فيه من يقع، يعني: إذا رأى الناس شخص يتساهل في معاملاته، لا يأتي إلى المحرم الصريح، لكنه لا يتورع عن أمور قد لا يتبينها، أو قد يرد عليه أشياء أو قد .. ، المقصود أن مثل هذا يكون فرصة لكلام الناس، يتحدث الناس فيه، فلان لا يتورع، فلان لا .. إلى أن يقال: إن فلان يأكل الحرام، وإن كانت حقيقته لا يأكل الحرام البين، لكنه هو الذي عرض نفسه لكلام الناس.

((استبرأ لدينه وعرضه)) يعني: قطع ألسنة الناس عنه، لكن هل هذا يبرر للناس أن يقعوا في عرضه؟ لا، ليس بمبرر، ومثل هذا لا يبيح عرضه، بل هو مسلم له حقوقه، وعرضه مصان، وغيبته حرام، وجاء في المماطل: ((مطل الغني ظلم، يبيح عرضه وعقوبته)) هل معنى هذا أن الناس يجعلونه مادة لأنسهم وحديثهم؟ لا، إنما أبيح .. ، أهل العلم قالوا: إن الحديث يبيح من عرضه أن يقول المظلوم المُماطل: مطلني فلان، لا يزيد على ذلك، ومثل هذا لا تجوز غيبته، يعني كونه يقع لا يعني أنه يباح.