أهل العلم يقولون بقبول خبر الأعمى فيما يدرك بالبصر، والناس يعتمدون على ابن أم مكتوم، ويكفون عن الأكل وهو أعمى، والصبح يدرك بالبصر، لكن ابن أم مكتوم يدركه بواسطة غيره، فأذان الأعمى صحيح، وإن كان شرط الأذان معرفة الأوقات، والأوقات مدارها على الرؤية البصرية، إذا وجد عنده ثقة ينبهه على دخول الوقت فإن أذانه صحيح، وخبره مقبول.
"متفق عليه".
"وعنه" يعني ابن عمر -رضي الله عنهما-، قال في الثاني: وعنه، وفي الأول مع أن الذي قبله عن ابن عمر، قال: عن سعيد بن جبير عن ابن عمر، ثم قال: وعن ابن عمر، ما قال:"وعنه" ثم في الثالث قال: "وعنه" لو قال في الثاني: "وعنه" لالتبس أن يكون عن سعيد بن جبير عن ابن عمر، يعني عن راوي الحديث السابق، وعرفنا أن التابعي في مثل هذا لا يحتاج إليه، وعادة أهل المختصرات أنهم لا يذكرون التابعي إلا إذا كان له دور في الخبر، محاورة بينه وبين الصحابي لا يمكن إدراكها إلا بذكره.
ثم قال:"وعنه" يعني عن ابن عمر صحابي الحديث السابق "أن بلالاً أذن قبل طلوع الفجر، فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يرجع فينادي: ألا إن العبد نام فرجع فنادى: ألا إن العبد نام" يعني نفسه، وكان عبداً لأبي بكر -رضي الله عنه-، هذا بيان السبب الذي من أجله كونه أذن قبل طلوع الفجر، وعلى كل حال الخبر شاذ؛ لأنه مخالف للحديث الذي قبله، وهو أقوى منه، متفق عليه، بلال يؤذن بليل، بقوله -عليه الصلاة والسلام-، وبإقراره -صلى الله عليه وسلم-: ((إن بلالاً يؤذن بليل)) وهنا أذن قبل طلوع الفجر، فأمره النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يرجع فينادي: ألا إن العبد نام، فرجع فنادى ألا إن العبد نام، لا داعي لهذا؛ لماذا؟ لأنه كان ينادي بليل بإقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-، فما المعنى في كونه يقال له: ارجع فنادي ألا إن العبد نام.