للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله -جل وعلا- لا يخلف الميعاد، وقد وعده ذلك، فلماذا نطلب له هذه الوسيلة والفضيلة؟ قد يكون تحقيق هذا الوعد من أسبابه دعاء أمته له بهذا الدعاء، يعني الله -جل وعلا- قدر له هذه المنزلة، ووعده إياها، وجعل من الأسباب التي تتحقق به هذا الوعد هذا الدعاء، علماً بأن فائدة هذا الدعاء للداعي أكثر منه للنبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه قال: ((حلت له شفاعتي)) فنحن نذكر هذا الذكر لا شك أنه من باب الوفاء لمن دلنا على هذا الهدى، وهو النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومن باب المصلحة الخاصة لكل إنسان بعينه ((حلت له شفاعتي يوم القيامة)) فعلى كل حال لا يقول قائل: إنه ما دام الوعد لا يخلف فلماذا ندعو؟ من الأصل لماذا تدعو؟ لماذا تتعبد وأنت محكوم عليك وأنت في بطن أمك، منزلتك معروفة، وهل أنت شقي وإلا سعيد وإلا غني وإلا فقير؟ لماذا تسعى؟ ((اعملوا فكل ميسر لما خلق له)) والأمور مسببات مربوطة بأسباب، ولا بد أن تنفذ هذه الأسباب.

"رواه البخاري".

يقول: ((حلت له شفاعتي يوم القيامة)) النبي -عليه الصلاة والسلام- له شفاعات، منها ما هو خاص به، ومنها ما له ولغيره، فالشفاعة العظمى خاصة به -عليه الصلاة والسلام-، خاصة به، فالناس يأتون إلى آدم ليخلصهم من هول الموقف فيعتذر بأنه أكل من الشجرة، ثم يأتون إلى نوح فيعتذر بأنه استعجل دعوته، ثم يأتون إلى إبراهيم فيذكر الكذبات الثلاث كلها في ذات الله، ثم يأتون إلى موسى فيذكر ما اقترفه -عليه الصلاة والسلام وعلى نبينا وعلى سائر الأنبياء والمرسلين أفضل الصلاة وأتم التسليم-، ثم يأتون إلى عيسى ولا يذكر ذنباً، ثم يقول: ائتوا محمداً، فيأتون إلى محمد -صلى الله عليه وسلم- فيقول: ((أنا لها، أنا لها)) فيسجد ويلهم بمحامد، ثم يقال له: ارفع رأسك، وسل تعطى، فيسأل الشفاعة، ويخلصوا من الموقف، وهذه عامة لجميع الخلائق مسلمهم وكافرهم، وله شفاعات أيضاً: شفاعته في عمه، وشفاعته في أهل الكبائر من أمته، وإن كان الوعيدية ينازعون في بعض الشفاعات التي تقتضي إخراج بعض مرتكبي الكبائر من النار؛ لأن الخوارج والمعتزلة يقضون عليهم بالخلود في النار، ولا شك أن هذه الشفاعة تقضي على مذهبهم.