"وروى" يعني مسلماً "عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي)) " يعني إذا قلنا: لا إله إلا الله صلينا على النبي -عليه الصلاة والسلام-، ((فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه عشراً)) يصلي عليه عشر، وهذا من فضل الله -جل وعلا- وكرمه أن الشيء من العبادات يضاعف، والحسنة بعشر أمثالها، والصلاة بعشر صلوات، والمفروضات خمس بخمسين وهكذا، لكن يأبى بعض الأشقياء وبعض المحرومين إلا أن تكون آحاده غالبة لعشراته، بعض الناس تزيد آحاده على عشراته فيفرط في ما يؤجر عليه، ويستكثر مما يأثم به، لا شك أن هذا خذلان.
قال:((ثم سلوا الله لي الوسيلة)) يعني بالذكر المفصل في السابق ((اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة ... )) إلى آخره.
((فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة)) بعضهم يقول: إن هذه المنزلة هي إجلاسه -عليه الصلاة والسلام- مع الرب -جل وعلا- في العرش، وهذا جاء ما يدل عليه، لكن فيه كلام كثير لأهل العلم هذه المنزلة، ونكتفي بما صح عنه -عليه الصلاة والسلام-، هي منزلة عالية مناسبة للبشر للمخلوقين، وهي أعلى منزلة في الجنة، لا تنبغي أن تكون إلا لواحد فقط، لا تقبل الشركة، ويرجو -عليه الصلاة والسلام- أن يكون هو، والله -جل وعلا- قد وعده هذا المقام المحمود، وهذه المنزلة العالية الرفيعة ((فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة)).
قال:"وعن عثمان بن أبي العاص أنه قال: يا رسول الله اجعلني إمام قومي، قال:((أنت إمامهم، واقتدِ بأضعفهم، واتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً)) " عثمان بن أبي العاص ثقفي، وطلب من النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يكون إماماً لقومه، والأصل أنها إمامة صلاة بدليل قوله:((واقتدِ بأضعفهم، واتخذ مؤذناً)) لا أنها إمارة، وإن كان اللفظ محتملاً إلا أن الظاهر من اللفظ أنها إمامة صلاة.