هناك أمور يفعلها مما يحث عليها، أو أمور يتركها مما يحذر منه، وهو واقع فيها، فهل نقول لمثل هذا: كف؟ نعم إن أمكن ألا يخالف القول الفعل هذا هو الأصل {كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [(٣) سورة الصف] لكن إذا كان المسألة في السنن يحث الناس على قيام الليل، أو يحث الناس على الصيام، صيام النوافل، أو يحث الناس على حفظ القرآن، أو يحث الناس على طلب العلم، وألا يضيعوا أوقاتهم، ويضيع أوقات، هذا يختلف عمن ينتهك المحارم، يعني المسألة الحث على نوافل، ولو لم يفعلها، وحث على ترك مكروهات ولو اقترفها، حث على حفظ الوقت ولو ضيع بعض وقته؛ لأن الجهة منفكة، لكن يحث على ترك المحرمات ويرتكب محرمات هنا قف، مع أن أهل العلم يقررون أنه ليس من شرط الآمر والناهي أن يكون معصوماً، فيأمر بالمعروف ولو تركه، وينهى عن المنكر ولو ارتكبه، وله أجر هذا، وعليه إثم هذا، ويقررون أن الجهة منفكة، اللهم إلا إذا كان أمره أو نهيه مقترن بما يدل على الاستخفاف، شخص في يده سيجارة ويشوف واحد يدخن، يقول: يا أخي لا تدخن الدخان حرام، هذا ويش يفهم منه؟! أو اثنان على كرسي حلاق يحلقون لحاهم -الحلاق يحلق لحاهم- يلتفت واحداً منهم يقول: يا أخي حلق اللحية حرام هذا مقترن بالاستخفاف بلا شك، لكن لو كان مبتلى بالدخان وفي غير ارتكابه لهذه المعصية، يعني في وقت لا يدخن فيه، وقال: يا أخي من النصيحة أهل العلم يقررون أن الدخان حرام، وهو مضر بالصحة، ولو كان يدخن، لا يشترط، لكن يبالغ الأشعرية في انفكاك الجهة، فيقررون مسألة من أغرب المسائل، فيقولون: يجب على الزاني أن يغض بصره عن المزني بها، هذا أمر وهذا أمر، يرتكب محرم، لكن لا يرتكب اثنين، نقول: هذا استخفاف؛ لأن غض البصر ما طلب إلا من أجل الفرج، الفرج يصدق ذلك ويكذبه، فننتبه لمثل هذه الأمور فإنها من الدقائق الخفية، والإنسان حينما يحاسب نفسه، وقد قال في الدرس مثل هذا الكلام، وإذا خلا يعني فرط في كثير من الأمور يجد في نفسه حرج كبير؛ لأن النفس على ما عودت، والإنسان الذي تعود على الهزل، يعني يضيع كثير من أوقاته، وعنده شيء من الخير، لكن يبقى أن من يأمر الناس بشيء يقبح به