كما أن أهل التشديد والوسوسة هؤلاء أيضاً لا عبرة بهم، فالعبرة بأوساط الناس الذين هم في الأصل على الفطرة، فماذا كانت تظهر المرأة عند أبيها وعند أخيها في وقت المهنة، تظهر طرف الساعد مع الكف، وأسفل الساق مع القدم، والشعر يظهر، وما عدا ذلك ما يوجد امرأة في سلف هذه الأمة تظهر أكثر من ذلك، قد يكون هناك ظرف معين أرادت أن تركب جمل، وإلا أرادت أن تركب، فبدا منها ما لا يبدو، فمثل هذا .. ، أو كانت خائفة، أو لأي ظرف من ظرف غير عادي هذا لا يقاس عليه، الظروف غير العادية لا تتخذ أدلة، العبرة بالظروف العادية، كما سيأتي في كشف الفخذ بالنسبة للنبي -عليه الصلاة والسلام-، وكلا أهل العلم في ذلك، فالظروف غير العادية لا عبرة بها، يعني مثل ما قيل: إن المرأة لا يشرع لها السعي بين العلمين يعني تسعى سعياً شديداً لا يشرع لها، قالوا: إن السعي إنما مشروعيته بسبب امرأة، سعت بين العلمين، جرت جرياً شديداً، لماذا لا تدخل المرأة دخولاً أولياً في المشروعية؛ لأن السبب امرأة؟ والسبب دخوله في النص قطعي؟ نقول: الظرف ليس بعادي، جريها لا للتعبد، إنما جريها من أجل أن تطلع لتنظر من أتى مضطرة إلى مثل هذا الجري ومثل هذا السعي، كما أن المرأة لو تبعها سبع أو صائل تسعى وتجري ولو بدا منها ما بدا، فقد ينكشف منها ما ينكشف في مثل هذه الظروف ولا ينكشف في الظروف العادية.
وفي المحشر يحشر الناس حفاة عراة الرجال والنساء؛ لأن الأمر أشد من ذلك، يعني هل يقال مثلاً للمرأة التي تبعها سبع يريد أن يأكلها، أو لص أو مجرم يريد أن ينتهكها، نقول: لا، ما يجوز يخرج منها شيء؟ ظرف غير عادي، فمثل هذا يتجاوز عنه، وفي المحشر الأمر أعظم من ذلك.
فالمقصود أن مثل الظروف الطارئة لا تحمل عليها النصوص، فمن تبدي للرجال الأجانب ولو ادعت الإسلام ولو كانت مسلمة؛ لأن مثل هذا كبيرة من الكبائر، وموبقة من الموبقات، ودليل على تساهل شديد، ورقة في الديانة؛ لكن ما يلزم أن هذا كفر، لا، تدعي الإسلام وتظهر ما تظهر، تعصي، ومثل هذه ليست بعبرة، ومثل هذا لا يخضع للأعراف، مثل هذا لا يخضع للأعراف؛ لأن فيه نصوص، وما فيه نصوص لا يخضع للأعراف.