للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى يخرج من اختلافهم، وقد روي حديث ابن عباس من وجه آخر عن طاوس عنه.

وعن أنس بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غزا خيبر فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس، فركب نبي الله -صلى الله عليه وسلم- وركب أبو طلحة وأنا رديف أبي طلحة، فأجرى النبي -صلى الله عليه وسلم- في زقاق خيبر، وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم حسر الإزار عن فخذه، حتى إني لأنظر إلى بياض فخذ نبي الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما دخل القرية قال: ((الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين)) قالها ثلاثاً. رواه البخاري ومسلم، وفي روايته، يعني في رواية مسلم "فانحسر الإزار عن فخذ نبي الله -صلى الله عليه وسلم-" قال المؤلف: فلفظ مسلم "انحسر" لا حجة فيه على أن الفخذ ليس بعورة؛ لأن كون الشيء ينكشف بنفسه لا من فعل المكلف لا يدل على الجواز، ولفظ البخاري محتمل.

يعني إذا سلمنا بأن انحسر لا من فعل ولا قصد المكلف ليس فيه حجة هذا الكلام صحيح، لكن ماذا عن لفظ البخاري: "حسر النبي -صلى الله عليه وسلم- الإزار أو حسر الإزار عن فخذه"؟ نعم؟ ولفظ البخاري محتمل، يعني لفظه محتمل وإلا دلالته محتملة؟ لفظه غير محتمل، لكن دلالته على المراد حينما حسر لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- راكب، وأحياناً الراكب يتضايق من الثوب، الراكب على الدابة يتضايق من الثوب، فيحسر عن شيء من ثوبه ليرتاح، الآن من أراد أن يجلس على كرسي ألا يحتاج إلى رفع شيء من ثوبه من جهة الخلف ليرتاح ليتصرف براحة؟ من ركب مرتبة السيارة وهي في غاية الراحة يحتاج إلى مثل هذا، من جلس على مجلس أثير في مجلسه يحتاج إلى أن يحسر عن شيء من ثوبه ليرتاح، فيكف بمن ركب على دابة؟! يحتاج إلى مثل هذا، والظرف ظرف جهاد، فلا يحمل عليه ما في الظروف العادية، فقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((الفخذ عورة)) مقدم على مثل هذه الأخبار المحتملة، فالمرجح أن الفخذ عورة.