للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"فأخبرته بحاجتي، فلما فرغت" لأنه صلى إلى جانبه ائتم به -عليه الصلاة والسلام- "فلما فرغت قال: ((ما هذا الاشتمال الذي رأيت؟ )) " يعني تلفلف بالثوب، لكنه لم يستر به جميع بدنه، وإن ستر عورته "فقلت: كان ثوب -يعني ضاق- قال: ((إن كان واسعاً فالتحف به)) " أي: اجعله لحافاً يشمل جميع البدن إذا كان واسع، لأن تغطية جميع البدن لا شك أنه أكمل، والله -جل وعلا- يقول: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [(٣١) سورة الأعراف] ((إذا كان واسع فالتحف به)) غط به جميع بدنك.

((وإن كان ضيقاً فاتزر به)) يعني اجعله إزاراً يغطي أسفل البدن، يغطي العورة إذا كان ضيق، واترك أعالي البدن؛ لأن أمره أخف، إذا كان لا يستوعب، إذا كان لا يستوعب فاتزر به، أي: اجعله إزاراً، فالحديث فيه دليل على وجوب ستر العورة، بل على اشتراطها، مع قوله -جل وعلا-: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [(٣١) سورة الأعراف] أي عند كل صلاة، والزينة اللباس.

ونقل ابن عبد البر الإجماع على أن من صلى عرياناً فصلاته باطلة.

{خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [(٣١) سورة الأعراف] يوجد بعض الناس من يأتي إلى صلاة الفجر على وجه الخصوص بقميص يستحيي أن يستقبل به أقل ضيوفه شأناً، ويريد أن يمثل بين يدي الرب في أعظم موقف بين يدي الله -جل وعلا- بمثل هذا الثوب، والله -جل وعلا- يقول: {خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [(٣١) سورة الأعراف] فلا ينبغي للإنسان ولو صحت الصلاة وأجزأت بالقميص، لكن ينبغي أن نأخذ الزينة في الصلاة.

"رواه البخاري بهذا اللفظ، ورواه مسلم ولفظه: ((إن كان واسعاً فخالف بين طرفيه)) " ليشمل الأعلى والأدنى ((وإن كان ضيقاً فاشدده على حقوك)) الحقو: معقد الإزار، وفي حديث غسل بنت النبي -عليه الصلاة والسلام- زينب قالت أم عطية: فأعطانا حقوه، وتريد به الإزار، من باب إطلاق المحل وإرادة الحال.