"في رواية البخاري: "يومئ برأسه قبل أي وجه توجه" هنا: "حيث توجهت به" وهنا "قبل أي وجه توجه" ولم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصنع ذلك في الصلاة المكتوبة، يعني المسافر لا يحرم من التنفل، وهذا من التيسير، من تيسير الله على عبادة، وفتح المجالات لهم أن يتطوعوا وهم في أسفارهم؛ لأنه قد لا يتيسر لهم مزاولة ما كانوا يزاولونه في حال الاستقرار ففتح لهم هذا الباب من أبواب التطوع، فيتنفلون على الراحلة، وهذا معلوم أنه في السفر، فهل الحضر حكمه .. ؟ أحياناً يكون الإنسان في السيارة، وفي مشوار طويل، لكنه داخل البلد، وبإمكانه أن يصلي، ويومئ برأسه ويجعل سجوده أخفض من ركوعه، عمله -عليه الصلاة والسلام- إنما هو في السفر، فهل يقاس عليه الحضر؟ لا سيما وأن الناس في هذه الأزمان يمضون أوقات طويلة، وقد يكون وقت الراتبة يفوت، فهل يتنفل في سيارته وفي مشواره إلى جهته التي يريد؟ يعني التوسيع في النفل قد يعطي شيء من السعة في هذا، وأن له أن يصلي، أو مثلاً جاء من سفر، ودخل البلد وضاق الوقت على الوتر، ويريد أن يصلي بجماعته في المسجد مثلاً، وإذا نزل ما تمكن من الوصول إلى المسجد قبل الإقامة، ودخل البلد ويحتاج إلى نصف ساعة مثلاً إلى أن يصل الحي الذي يريد، فهل يوتر وهو في السيارة أو لا؟ مثل ما قلنا: إذا خشي أن يفوت الوتر لا يوجد -إن شاء الله- ما يمنع من أن يوتر، وهو في السيارة حيث توجهت به استناداً إلى مثل هذا الخبر، والوتر يفعله النبي -عليه الصلاة والسلام- على الراحلة، وهو من أقوى الأدلة بالنسبة لمن يقول بأن الوتر سنة مؤكدة وليس بواجب؛ لأنه يفعله على الراحلة، ولم يكن يصلي المكتوبة على الراحلة.