الحنابلة يقولون: لا، الحديث محكم، كيف نوفق بين هذا الحديث وبين صلاته في مرضه -عليه الصلاة والسلام- قاعد والمأمومين من قيام؟ قالوا: نحمل هذا الحديث على حالة، وهي: إذا ما صلى إمام الحي، إذا افتتح، إذا ابتدأ إمام الحي الصلاة قاعداً، إذا صلى إمام الحي، إذا ابتدأ إمام الحي الصلاة قاعداً لعلة يرجى برؤها فإنهم يصلون خلفه من قعود، إمام الحي وتبدأ الصلاة؛ لأن الصلاة في مرضه -عليه الصلاة والسلام- ابتدأت من قعود وإلا من قيام؟
طالب: من قيام.
من قيام؛ لأن الذي صلى بهم أول الأمر أبو بكر قائم، فالصلاة ابتدأت من قيام، والحديث لا يشمله هذا، يحمل على ما إذا ابتدأت من قعود، وأن يكون الإمام إمام الحي، أما إذا ابتدأها غيره من قعود فلا يصلى وراءه، يبحث عن غيره، أو يصلون خلفه قياماً، إذا ابتدأ إمام الحي الصلاة من قعود لعلة يرجى برؤها، نأتي بشخص مقعد ونقدمه بيننا أمامنا يعني ميئوس منه مقعد، أو أقطع الرجلين يجلس يصلي جالساً، نأتي بمثل هذا لنترخص به ونصلي من قعود! لا، مثل هذا إن صلى لميزة واضحة لا نصلي من قيام، والأصل أن مثل هذا لا يصلي؛ لئلا يقع الناس في الحرج ((كدتم أن تفعلوا فعل فارس والروم)) الصلاة خلف القاعد من قيام فيها مشابهة لفارس والروم، فمثل هذا لا يصلي، لكن إن كانت له مزية تجعله يؤم الناس لفضله وعلمه وإمامته يصلي بالناس، يصلون من قيام؛ لأن العلة لا يرجى برؤها، فإذا ابتدأ الإمام -إمام الحي- الصلاة من قعود لعلة يرجى برؤها فإنهم يصلون خلفه من قعود ((وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعون)) أما إذا افتتحت الصلاة من قيام فلا.
إذا كان الإمام غير إمام الحي فلا، إذا كانت العلة لا يرجى برؤها فلا، وبهذا يوفق بين النصين، مذهب الحنفية والشافعية الحديث منسوخ، فالقاعد لا يجوز له أن يقعد .. ، ومذهب المالكية يقولون: القاعد لا يصلى خلفه، والحنابلة يقولون بهذه القيود، يصلي الناس جلوس مثل الإمام، وإذا اختل شرط من هذه الشروط فإنهم يصلون من قيام، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.