للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النبي -عليه الصلاة والسلام- بلغ البلاغ المبين، وبين البيان التام الكافي الشافي، وسنته -عليه الصلاة والسلام- كلها بيان لما أجمل في القرآن، فلم يترك بياناً لمستبين، ولا بلاغاً لمستبلغ، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، ولا خير إلا دل الأمة عليه، ولا شر إلا حذرها منه.

"خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" كثيراً ما يخطب في المناسبات وغيرها، يبين ما ينبغي أن يفعل، وما ينبغي أن يترك، وبيان ما أجمل هي وظيفته -عليه الصلاة والسلام-.

قال: "خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فبين لنا سنتنا" السنة هي ما يضاف إليه -عليه الصلاة والسلام-، وهي أعم من المندوب، فيدخل فيها كل ما يضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-.

"وعلمنا صلاتنا" الذي في القرآن منها الأمر بها وبإقامتها، وإجمال ما فيها من ركوع وسجود، ونحو ذلك على سبيل الإجمال، وبيانها تفصيلاً إنما جاء في السنة من قوله -عليه الصلاة والسلام-، ومن فعله -صلى الله عليه وسلم-، وأيد ذلك بقوله: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) فلا اجتهاد لمجتهد من غير نص، بل الاجتهاد فيما يحتمله النص موجود بين أهل العلم، أما أن يجتهد عالم فيقرر مسألة من مسائل الصلاة ليس لها أصل من السنة من بيانه -عليه الصلاة والسلام- فلا.

وعلمنا صلاتنا بقوله وفعله "فقال: ((إذا صليتم فأقيموا صفوفكم)) " يعني إذا صليتم في جماعة؛ لأن الصفوف إنما تكون في الجماعة، والواحد لا يقال له: صف.

((إذا صليتم)) يعني جماعة ((فأقيموا صفوفكم)) يعني وسووها، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يهتم لهذا الأمر، وهو تسوية الصف؛ لأنه من تمام الصلاة ((سووا صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم)) هذا وعيد مما يدل على أن تسوية الصفوف واجبة، وإلا كانت من تمام الصلاة كذلك.