للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسألة مسألة يعني خفية ودقيقة، لا يتهم أهل العلم بمثل هذا، لكن قد يشم مثل هذا، ولا دليل يبرئ ولا دليل يوجب التهمة، لكن في الجملة أهل العلم أهل ورع وأهل دين، لكنهم هذه مذاهبهم، ووجدوا ما يستدلون له من أمر محتمل، لا يفهم من هذا أن جميع أهل العلم هذا ديدنهم، لا، أقول: قد يوجد من أتباع المذاهب من يستروح ويميل إلى ترجيح ما يؤيد مذهبه، وهذه الأحاديث الأمر فيها واضح، فعلى طالب العلم أن يتجرد، أن ينظر في حكم النص قبل أن ينظر في المذهب، نعم قد يكون كثير من طلاب العلم تفقهوا على كتب الفروع قبل أن يعرفوا كتب السنة، قبل أن يتمكنوا في السنة، ثم بعد ذلك يستصحبون ما عرفوه من أحكام في الصغر، ولا شك أن لهذا أثر، هذا له أثر كبير في توجه طالب العلم، فعليه أن يتوازن وأن يتجرد، ويجعل القائد والسائق والحادي هو النص، والأئمة كلهم تبع لهذه النصوص، فإذا قلنا: إن هذه الكلمة غير محفوظة لماذا؟ لأن سائر الرواة لم يذكروها، ولو كانت ثابتة لذكروها وتواطئوا عليها، ومن يقول: بأنها ثابتة ومحفوظة يقول: زيادة ثقة، والزيادة من الثقة لا سيما إذا لم تقتضِ مخالفة مقبولة، وهذا -أعني مبحث زيادة الثقة- في مثل هذا الموضع من مضايق الأنظار، ويحتاج في الترجيح في الحكم على اللفظة بكونها محفوظة أو غير محفوظة يحتاج إلى إمام عارف، يشم الحديث، يعرف الثابت من غيره، يعمل بالقرائن، متمكن، حافظ، يجمع أحاديث الباب وهكذا، ولا يتسنى لكل طالب علم أن يقول: إن هذه الكلمة غير محفوظة، تكلم فيها أبو داود والدارقطني وغيرهم، وهي موجودة في صحيح مسلم، كتاب تلقته الأمة بالقبول، ونص مسلم على تصحيحها، وهي أيضاً من حديث أبي هريرة، كما قال المؤلف، وقد روي من حديث أبي هريرة وصححه مسلم، وتكلم فيه غير واحد، صححه مسلم ولم يخرجه، وقيل له: حديث أبي هريرة صحيح؟ قال: نعم، قيل: لم لم تخرجه؟ قال: إنه لم يخرج كل حديث صحيح، وترك من الصحاح أكثر خشية الطول، وليس كل حديث صحيح وضعته هاهنا، وإنما وضعت هاهنا ما أجمعوا عليه.