الحديث الأول:"رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه" حديث وائل "رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه" وحديث أبي هريرة أخرجه الثلاثة، ومن الغريب أن نجد من يرجح حديث وائل على حديث أبي هريرة؛ لأن هذا خرجه الأربعة، وذاك خرجه الثلاثة، لا يلزم من هذا الرجحان أبداً، يعني الترجيح بكثرة الرواة ليس هذا محله، وقد يوجد حديث يتفرد به أبو داود أقوى من حديث يخرجه الخمسة تبعاً لنظافة الإسناد وصحته، وعدم المخالفة، فليس الترجيح هنا له وجه ألبتة، وكم من حديث خرجه النسائي أنظف إسناد مما يخرجه غيره ولو اجتمعوا، وقد يخرج أبو داود حديث يكون مرجحاً على ما رواه أبو داود وغيره من الخمسة، أو الترمذي أو غيره، وقد يوجد في المسند حديث لم يخرجه الأربعة ويكون مرجحاً على ما خرجه الخمسة، فليس هذا محل الترجيح، نعم إذا خرجه الشيخان أو أحدهما يرجح، أما من عداهم فمخرجاتهم أو ما يخرجونه قابل للرجحان والمرجوحية تبعاً لإسناده.
"رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه" الحديثان هما متضادان متعارضان إلا على كلام ابن القيم بالقول بالقلب، وعلى هذا الخطابي قال: حديث وائل أصح من حديث أبي هريرة، وابن حجر قال: حديث أبي هريرة أصح من حديث وائل، وحديث وائل له شاهد من حديث أنس، وحديث أبي هريرة له شاهد من حديث ابن عمر، موقوفاً ومرفوعاً على ما سيأتي، فهما حديثان قريبان من التكافؤ إلا أن الكفة قد ترجح مع حديث أبي هريرة.