المجافاة سنة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كان يجافي عضديه عن جنبيه، وبطنه عن فخذيه، هذه صفة صلاته -عليه الصلاة والسلام-، وهذا مشروع فيما دلت عليه الأدلة بالنسبة للإمام والمنفرد، أما بالنسبة للمأموم مع الجماعة فإنه لا يشرع له ذلك، النبي -عليه الصلاة والسلام- كان إذا صلى يعني يصف حالته وهو إمام أو منفرد، إذ لم يكن مأموماً -عليه الصلاة والسلام-، ومجافاة المأموم تؤذي من بجانبه عن يمينه وعن شماله، وقلنا مراراً: أن معرفة السنة أمر لا بد منه؛ لتقع العبادة التي من أجلها خلق على مراد الله، وعلى مراد رسوله -عليه الصلاة والسلام-، لا بد من معرفة السنة، ولا بد من تطبيق السنة، لا تكفي المعرفة، ونحن نرى بعض طلاب العلم يصلي صلاة بعض صلاة العوام أفضل منه، يعرف السنة، لكن لا يطبق السنة، وبعض طلاب العلم يعرف السنة ويطبق السنة لكنه لا يفقه كيف يطبق السنة، فلا بد من فقه تطبيق السنة، فتجده إذا سمع بمثل هذا الحديث آذى المصلين، تجده يجافي ويفرج بين يديه بين اثنين والمطلوب التراص في الصف؛ لأنه قد يقول قائل: إن هذا الإشكال يحله التباعد بين الناس، لكن هذا معارض بما هو أقوى منه وهو التراص في الصف، ولا يتحقق التراص في الصف مع هذه المجافاة، فإذا تراصوا وأراد أحد أن يجافي فإنه لا بد أن يؤذي من عن يمينه ومن عن شماله، والأذى لا يجوز، فلا يفعل مسنون، ويرتكب محظور، وهذا الذي يؤكد عليه، وهو فقه تطبيق السنة.
"فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه" ومعلوم أنه -عليه الصلاة والسلام- كان يلبس الإزار والرداء، ومع الرداء يرى بياض الإبط، ولو ستر المنكب، إذا ستر المنكب يرى بياض الإبط؛ لأنه لا يلزم من ستر المنكب ستر ما تحته ((لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على منكبيه منه شيء)) وفي رواية: ((ليس على منكبه منه شيء)) المقصود أنه لا بد من ستر المنكب كما تقدم لنا في ستر العورة، وليس هو من العورة، لكن لا بد من ستره، يجب سترة، فيأثم الذي يصلي وهو كاشف للمنكب، لكن صلاته صحيحة؛ لأنه ليس بشرط، يعني مثل غسل الجمعة عند من يقول بوجوبه الصلاة صحيحة، لكنه آثم بتركه الواجب.