للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقول: يجمع بين الكتب الستة، والحمد لله كل شيء مخدوم، وكل شيء متيسر، لكن لا يعتمد على الآلات، لا يقول: والله أنا أستخرج الحديث من صحيح مسلم وأضيفه إلى البخاري من خلال البرامج الكمبيوترية والحواسب، لا؛ لأنه ما يستفيد، كأنه جمعه غيره، لكن إذا وقف على الحديث الأول من صحيح البخاري وجمع جميع الألفاظ والأسانيد والتراجم في صحيح البخاري، وجمعها في موضع واحد، سردها مرتبة سبعة مواضع، ثم نظر في صحيح مسلم وقف عليه بنفسه، ونقل ألفاظه وأسانيده، ثم بعد ذلك سنن أبي داود، ثم بعد ذلك الترمذي، ثم النسائي، ثم ابن ماجه.

بهذه الطريقة وأقول: الجاد يحتاج إلى خمس سنوات للجمع بين الكتب الستة بهذه الطريقة، لكن أنا كفيل بأن يكون طالب العلم على خبرة ودراية تفصيلية للكتب الستة خلال الخمس سنوات، والخمس سنوات مثل ما رأيتم مضت وما سوينا شيء، بل مضى عشر، بل مضى عشرون أو أكثر كل واحد يمني نفسه أن يطلب العلم، وأن يطلب الحديث، وأن يتفقه من الحديث، ومع ذلك مكانه ما سوى شيء، فأقول: الذي لا تسعفه حافظته للحفظ يستعمل هذه الطريقة، وبيتعب لا شك أن هذه الطريقة متعبة وشاقة، ولكن العلم لا يثبت إلا بالتعب، ما ينحفر في القلب إلا بالتعب، أما مجرد مسح ضوئي كما يفعل بعض الناس، ويمنيهم من يقوم ببعض البرامج التدريبية من البرمجة العصبية يقول: أبداً أنا كفيل بأنك إذا التحقت بهذه البرامج إلى آخرها أن تحفظ البخاري في يوم، بس مجرد إمرار مسح ضوئي وبعد ذلك يكون البخاري في رأسك، هذا لو كان خيراً لسبقونا إليه، أهل العلم كابدوا وجاهدوا في كذا وصبروا على الشدائد، شدائد التحصيل والطلب، ولا يمكن أن يحصل هذا العلم الذي هو رفعة في الدنيا والآخرة إلا بتعب، وإلا لو كان يسيراً لصار الناس كلهم علماء، كل شخص يتمنى أن يكون عالم؛ لأن الجهل نقص والعلم كمال، ولا أحد يطلب لنفسه النقص، إلا أن الكسل والخمول والصوارف وكون هذا العلم مما يوصل إلى الجنة، والجنة حفت بالمكاره، هذا مكروه لدى النفوس لأنه جد، والجد لا تطيقه النفوس، لكن مع ذلك ما في علم إلا بتعب، ولا يستطاع العلم براحة الجسم.