منهم من يقول: إن مالك بن الحويرث جاء سنة تسع عام الوفود، بعد ما كبر النبي -عليه الصلاة والسلام- وثقل فاحتاج إليها، وهذا كلام ابن القيم، وأن من احتاج إليها تسن له، ومن لا يحتاج إليها لا تسن له، والأصل هو الاقتداء والائتساء بأفعال النبي -عليه الصلاة والسلام- لأنه قال:((صلوا كما رأيتموني أصلي)) والذي نقرره خلاف ما ذهب إليه ابن القيم الآن كثير من أهل العلم يقول: جلسة استراحة، وابن القيم يقول: إن احتاج إليها.
أنا أقول: إن الحاجة تدعو إلى تركها أكثر من أن تدعو إلى فعلها، وهذا أمر مجرب ومشاهد، يعني كبير السن هل الأفضل له أن يثني رجليه ويجلس، ثم يقوم للثانية أو الأفضل له أن يشمر للثانية بدون جلوس؟ هذا الأفضل له، المريض بالروماتيزم وغيره هل الأفضل له أن يثني رجليه ويجلس بين الركعتين أو الأفضل أن يقوم مباشرة للثانية؟ أن يقوم مباشرة للثانية، جربتم أنتم إذا مشيتم مسافات طويلة، ثم جلستم قليلاً ثم قمتم، هل هذا أفضل وإلا مواصلة السير أفضل؟ هذه لا تفيد ولذلك تجلس، تسميتها بجلسة الاستراحة من أجل تقرير هذا الكلام، وهذا الكلام ليس بصحيح ليست استراحة، هي زيادة تكليف وليست بتخفيف، فالمرجح أنها سنة مطلقاً يفعلها كل مصلٍ.
المسيء هل يحتاج إلى جلسة استراحة، وهو إنما أتي من العجلة؟ المسيء ما أوتي إلا من ترك الطمأنينة وترك الطمأنينة زيادة في النشاط، وكونه يؤمر بها هل نقول: إنه محتاج إليها؟ أو نحتاج إلى أن نضعف الرواية من أجل أن نقرر أن مالك بن الحويرث جاء في آخر حياة النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ نستفيد من كونه جاء في آخر حياته -عليه الصلاة والسلام- أنها فعل متأخر، قد يكون ناسخ لجميع الروايات التي لم تذكرها على فرض أنها تدل على عدمها، فالمقرر أنها سنة مطلقاً، وأوجبها بعض من المتأخرين، أما من المتقدمين ما أوجبها أحد، بعض المتأخرين الذين لهم عناية بالسنة وحرص على تطبيق السنة أوجبوها، وإلا فلا يعرف ممن تقدم أنه أوجبها.