ومنهم من يقول: إن هذه المسألة مسألة عبادة لا دخل للمخلوق فيها، والاقتداء الأصل فيه بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن إذا أحس الإمام بأن هناك من يتخطى ومن يتعدى، وهناك من ليس بأهل أن يترك له هذا الأمر، ووجد من بعض الأئمة من يعتدي في الدعاء مثلاً، من يوقع الناس في حرج، يعني ما أدري ما تداوله بعض الناس هل هو حقيقة -ولا يبعد أن يكون حقيقة- أو نكتة؟ قال: منع بعض الناس من القنوت في بعض النوازل، وقيل له: الحمد لله المجال مفتوح، ادع في السجود، فلما سجد استدعى المكبر وقربه وقنت وهو ساجد، يعني مثل هذا ما يترك له مثل هذا الأمر، لا شك أن مثل هذا يسيء، ويتعرض لإبطال الصلاة، وعلى كل حال الأمر منوط بالإمام كما قرره الحنابلة، ومع ذلك يقول: يقنت الإمام في النوازل إلا الطاعون لأنه شهادة.
نعم.
قال -رحمه الله-:
وعنه -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان لا يقنت إلا إذا دعا لقوم أو دعا على قوم" رواه الخطيب في القنوت بإسناد صحيح، وروى ابن حبان نحوه من حديث أبي هريرة.
يقول: "وعنه" يعني راوي الحديث السابق وهو أنس بن مالك خادم النبي -عليه الصلاة والسلام- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان لا يقنت إلا إذا دعا لقوم" فدعا النبي -عليه الصلاة والسلام- للمستضعفين الذين لم يستطيعوا الهجرة، فقال:((اللهم أنج الوليد بن الوليد)) وهذا في الصحيح "أو دعا على قوم" يعني على رعل وذكوان وعصية وبني لحيان، دعا على قوم ودعا لقوم، وهذا ثابت، أصله في الصحيح، قنت بعد الركوع شهراً يدعو على أحياء من العرب، وهنا دعا على قوم، ودعا أيضاً للمستضعفين في الصحيح أيضاً ((اللهم أنج الوليد بن الوليد)) وهذا الحديث رواه الخطيب في كتاب القنوت له، بإسناد صحيح "وروى ابن حبان نحوه من حديث أبي هريرة" والجملتين الأولى والثانية لها أصول تدل عليها في الصحيح، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.