للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"وبارك لي" يعني اجعل البركة فيما أعطيتني قليلاً كان أو كثيراً، اجعل فيه البركة، وإذا حلت البركة فحدث ولا حرج، ولو كان شيء يسير، يعني لو ولد واحد يجعل فيه البركة خلاص يملأ عليك الدنيا كلها، لكن عندك عشرين ولد بدون بركة هؤلاء شقاء، لو عندك درهم واحد مبارك انتفعت به، ونفعت به غيرك، لو عندك المليارات بدون بركة لصارت وبال عليك، ولذا يطلب منك أن تقول: "وبارك لي فيما أعطيت".

"وقني شر ما قضيت" الله -جل وعلا- يقضي على عباده، وقدر عليهم المقادير قبل أن يخلقهم، وقدر عليهم ما يسرهم وما يتضررون به، وما يسوؤهم، لكن ليعلم المرء أنه لا يوجد شر محض ((والشر ليس إليك)) إنما هذا الشر الذي قدر عليك ووقع بك هو بالنسبة لك خير وعجب من أمر المؤمن إن أمره كله خير، إن ابتلي فصبر كان خيراً له، وإن عوفي فشكر كان خيراً له، فأمر المسلم كله خير، وفي قوله: "وقني شر ما قضيت" هذا يطلب قبل حصوله، قبل حصول المقضي، لكن بعد حصوله هذا مما يُدفع به، وهناك ما يرفع به بعد حصوله، يرفع بالدعاء أيضاً، وبذل الأسباب الشرعية والحسية، ومع الصبر والاحتساب الذي يترتب عليه الأجر العظيم.

"فإنك تقضي ولا يقضى عليك" القضاء والقدر كله لله -جل وعلا-، فالله -جل وعلا- هو الذي يقضي، وهو الذي يقدر {وَقَضَى رَبُّكَ} [(٢٣) سورة الإسراء] والقضاء والقدر إنما هو لله وحده -جل وعلا-، وما يكون من وسائط وأسباب ووسائل من المخلوقين فإنما هم مجرد وسائط يؤدون للخلق ما أعطاهم الله -جل وعلا-، وليس لهم من ذلك شيء، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((إنما أنا قاسم والله المعطي)) فالله -جل وعلا- هو الذي يقضي ولا يقضى عليه، هو الذي يتصرف في خلقه ولا يتصرف فيه أحد.

"إنه لا يذل من واليت" من كان ولياً لله -جل وعلا- رفعه الله -جل وعلا- بحيث لا يستطيع أحد إذلاله، أولياء الله -جل وعلا- العزة لهم، فلا يستطيع أحد أن يذلهم، وجاء بعد هذه الجملة عند البيهقي: "ولا يعز من عاديت" عدو الله -جل وعلا- ذليل، سواء كان عدو معاداة تامة بالكفر والجحود، أو فيه شيء مما يغضب الله -جل وعلا- من الفسق والمعاصي والفجور فهي ذل على صاحبها.