ثم قال:"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:((إذا اشتد الحر فابردوا)) " عندنا صلاة الصبح السنة المبادرة بها، وصلاة الظهر أيضاً السنة المبادرة بها، لكن ((إذا اشتد الحر فابردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم)) يعني من حرها ((واشتكت النار إلى ربها)) وقالت: إنه أكل بعضها بعضاً، فقالت:((أي رب أكل بعضي بعضاً، فأذن لها -جل وعلا- بنفسين، نفس في الشتاء، ونفس في الصيف، فهو أشد ما تجدون من الحر)) يعني نفس الصيف ((وأشد ما تجدون من الزمهرير)) وهو نفس الشتاء.
إذا وجدنا شدة الحرارة في الصيف فهو من فيح جهنم، من نفس الصيف، وإذا وجدنا شدة البرد في الشتاء فهو من نفس النار -نسأل الله السلامة والعافية-، فإنه من زمهريرها، فإذا وجدت شدة الحر المقلقة التي تمنع من حضور القلب في الصلاة، أو تؤذي المصلين في خروجهم لها في شدة الهاجرة في شدة الحر، فإنه حينئذٍ السنة أن نبرد، يعني نبرد إبراداً تترتب عليه آثاره، يزول فيها شدة الحر، فلا يكفي أن نبرد نصف ساعة أو ساعة ما يزول شدة الحر إلا أن نبرد جداً بحيث إذا خرج المصلي لصلاة الظهر لا يتأذى بحر الشمس، يكون للحيطان ظل يكفيه، أما إذا خرجنا في أول الوقت حتى بعد مضي نصف ساعة أو ساعة من الزوال قد يتعرض الإنسان للهب الشمس وحرها، فالإبراد من أجل ذلك.
((إذا اشتد الحر فابردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم)) والأمر بالإبراد لئلا يتأذى المصلي بشدة الحر؛ ولئلا ينشغل عن صلاته بما يقلقه من شدة الحر، وهذا من باب المحافظة على الصلاة، نعم في حكمه أيضاً في حكم شدة الحر شدة البرد، إذا اشتد البرد مثلاً بحيث لا يستطيع الإنسان أن يخرج إلى الصلاة في شدة البرد مثلاً يقال له: ينتظر، وقل مثل هذا إذا توضأ وأراد أن يتدفأ مثلاً إلى أن يزول شدة البرد؛ لأنه لو خرج بعد الوضوء مباشرة تضرر فيقال له: انتظر أيضاً، وإن فعل ذلك قبل دخول الوقت وتجهز للصلاة من أول وقتها فهو أفضل.