((ظلمت نفسي ظلماً كثيراً)) وفي رواية: ((كبيراً)) نعم هذا بالنسبة لهؤلاء السادة لا شك أنه كبير كما يقول أهل العلم: "حسنات الأبرار سيئات المقربين" يعني لما يكتفي الأبرار بالجلوس بعد صلاة الصبح، ثم صلاة ركعتين، وينصرفون إلى أعمالهم هذه بالنسبة للمقربين كما يقول ابن القيم في طريق الهجرتين هذا لا شيء بالنسبة لهم؛ لأن المقربين ينصرفون بغير صلاة من المسجد بعد انتشار الشمس؛ لماذا؟ لأنهم ينصرفون إلى عبادات أخرى، هم ملازمون للعبادة، بينما الأبرار يلزمون العبادة وقت، ثم ينصرفون إلى أمور دنياهم، فأبو بكر لما قال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيرا)) لا شك أن هذا بالنسبة له، وأما بالنسبة لغيره خيراً عظيماً وليس بظلم، وأينا لم يظلم نفسه؟ والظلم نسبي، قد تكون ظالماً لنفسك إذا نمت عن صلاة الفجر، تكون ظالم لنفسك إذا نمت عن قيام الليل، قد تكون ظالم لنفسك إذا قمت عما اعتده من قيام طويل في الليل، فالظلم نسبي، فيكون بترك الواجب وبفعل المحظور، ويكون بترك المندوب، وبفعل المكروه، ويكون أيضاً بالنسبة لبعض الناس بفعل خلاف الأولى، ومثلنا في بعض المناسبات ولعله في هذا الدرس الناس يتفاوتون، فإذا التفت الإمام بعد السلام ورأى شخصين فاتهما على ركعة وركعتين، ينظر إلى أحدهما مسروراً مبتهجاً، وينظر إلى الثاني بشيء من الغضب؛ لماذا؟ لأن هذا الذي فاته ركعة الحمد لله أنه جاء يصلي مع الجماعة هذه نعمة خير عظيم، لكن الثاني طالب علم ويقتدى به، كيف يفوته ركعة من الصلاة؟! ما جاء مع الأذان أو قبل الإقامة، وأدى الرواتب، الناس منازل، فأبو بكر ظلمه الكثير هذا بالنسبة لغيره من أعظم القربات؛ لأن الظلم أينا لم يظلم نفسه، يعني لو أن الإنسان فعل مباح إذا نظرنا إلى أن هذا الوقت الذي فعل به هذا المباح يمكن أن يصرفه بفعل طاعة، نقول: ظلم نفسه، حيث أضاع وقته والعمر عبارة عن .. ، الإنسان كله وجوده عبارة عن عمره وأنفاسه لحظاته التي يكتسب بها ما يقربه إلى الله -جل وعلا-، يعني نقول هذا وإلا أهل السنة -الحمد لله- عاد ما يشكل عليهم، ما في أدنى إشكال عند أهل السنة لكن مثل هذا يمكن الآن مع وصول القنوات